هدف منتصف القرن

21:42 مساء
قراءة 3 دقائق

جافين ماغواير *

ساعدت الزيادة بأكثر من 200% في قدرة توليد الطاقة الشمسية المركبة منذ عام 2018، أستراليا على احتلال المرتبة السادسة عالمياً من حيث القدرة الشمسية العام الماضي، والظهور كواحدة من أسرع منتجي الطاقة المتجددة الرئيسيين نمواً في العالم.

مع ذلك، ولتحقيق هدفها المتمثل في أن تصبح مصدراً صافياً للانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050، يجب على أستراليا النظر في مسار استخدامها للطاقة، الذي لا يزال متصاعداً، على عكس العديد من النظراء الذين حدّوا من استخدامها خلال السنوات الأخيرة.

ونما إجمالي استهلاك الكهرباء في أستراليا بنسبة 8% تقريباً في السنوات العشر الماضية، مقارنة بانكماشات لنفس الفترة بأكثر من 7% في كل من فرنسا وألمانيا واليابان، وانخفاض بنسبة 14% في المملكة المتحدة، وذلك وفقاً لبيانات «إمبر».

ويعني هذا النمو المطّرد في الطلب على الكهرباء في أستراليا أن منتجي الطاقة يجب أن يستمروا في الاعتماد بشكل كبير على الفحم لتوليدها، بالإضافة إلى الإمدادات الأخيرة من مصادر الطاقة المتجددة.

وبالتالي، لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات في الوقت المحدد، يجب خفض استخدام الطاقة في أستراليا بالتوازي مع ازدياد إمداداتها النظيفة، لأن ذلك من شأنه أن يمنح منتجي الطاقة مجالاً لإغلاق أنظمة التوليد التي تعمل بالطاقة الأحفورية عالية التلوث قبل الموعد النهائي عام 2050.

ويمثل الحد من استخدام الكهرباء والطاقة بشكل عام تحدياً كبيراً في جميع البلدان، ولكنه سيكون صعباً بشكل خاص في أستراليا، التي تعد متخلفة نسبياً من حيث أنظمة النقل التي تعمل بالكهرباء.

ومع ذلك، يستخدم قطاع النقل طاقة أكثر من أي جزء آخر في الاقتصاد الأسترالي، مع توسع في الطلب بأكثر من 5% بين عامي 2010 و2020، وذلك مقارنة ب 1.3% مقدار نمو قطاع النقل نفسه خلال الفترة ذاتها. وهو ما يمثل نحو 40% من إجمالي استخدام الطاقة النهائي في البلاد اعتباراً من عام 2020، بحسب وكالة الطاقة الدولية.

بالتوازي، شكلت السيارات الكهربائية 5.1% فقط من إجمالي مبيعات السيارات في أستراليا في عام 2022، مقارنة ب 13% في نيوزيلندا، و21% في الاتحاد الأوروبي، ومتوسط عالمي يبلغ 14%، وفقاً للوكالة ذاتها.

ولتقليل استخدام الطاقة الأحفورية، وخفض فاتورة استيراد الوقود في البلاد التي تجاوزت، وفقاً لمكتب الإحصاء الأسترالي، 65 مليار دولار أسترالي العام الماضي وحده، تحرص كانبرا على تزويد أساطيل سياراتها بالكهرباء، وتقديم حوافز كبيرة لشراء المركبات الكهربائية. ولكن أي اعتماد سريع لتلك المركبات لن يؤدي إلا إلى زيادة الطلب الإجمالي على الكهرباء وفرض مزيد من الضغط على منتجي الطاقة لزيادة إمدادات الكهرباء.

في السياق ذاته، يعتبر قطاع التدفئة والتبريد للمنازل والشركات محركاً رئيسياً آخر للطلب على الطاقة في أستراليا، ويمثل ما يقرب من 40% من إجمالي استخدامها هناك. وبما أن البلاد تتعرض لظروف مناخية قاسية، وخاصة موجات الحر الشديدة، التي من المتوقع أن تزداد وتيرتها خلال العقود القادمة بسبب تغير المناخ، سيلجأ الأستراليون حُكماً إلى تكثيف استخدامهم لمكيفات الهواء خلال أشد الأوقات حرارة في العام، مما يضيف المزيد من العبء على أنظمة ومرافق الكهرباء. حسبما أوردت حكومة نيو ساوث ويلز.

ولتعويض أي نقص محتمل في الطاقة، من المتوقع على الأرجح أن تستمر المرافق الأسترالية في زيادة سعة إمدادات أنظمة الطاقة المتجددة لديها بوتيرة متسارعة. وهنا، تتوقع شركة «دي إن في» لتقييم المخاطر أن ينمو توليد الكهرباء من مصادر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح عبر منطقة أوقيانوسيا والمحيط الهادئ من 12% حالياً إلى أكثر من 60% بحلول عام 2050. أضف إلى ذلك، مقدار الدعم الذي ستضيفه التحديثات المزمعة لأنظمة البطاريات، التي يمكنها تخزين فائض الطاقة المتجددة المنتجة خلال النهار وتوزيعها على المستهلكين ليلاً، لنظام الطاقة الرئيسي.

إلى ذلك، يستلزم التحول العالمي إلى تقنيات الانبعاثات المنخفضة زيادة هائلة في محطات طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وتخزين الطاقة، فضلاً عن جودة البنية التحتية التي تلبي احتياجات الطاقة حيثما وُجدت. ويتطلب تصنيع هذه التكنولوجيا إنتاج معادن مثل الألمنيوم والليثيوم، التي تمتلك أستراليا احتياطيات كبيرة منها.

لذا، من المتوقع أن ينمو الطلب على المعادن والفلزات الأسترالية. وسيتمكن هؤلاء المنتجون من الحصول على الكهرباء المتجددة المحلية الرخيصة لإدارة أعمالهم، مما يجعلهم أكثر قدرة على المنافسة دولياً.

ومع هذا، يبدو أن منتجي الطاقة الأستراليين سيظلون معتمدين بشكل كبير على الفحم لتوليد الكهرباء بالحمل الأساسي لسنوات، إن لم يكن لعقود أكثر. وما لم يتم خفض الاستخدام الكلي للكهرباء بشكل مستدام، ومنح منتجي الطاقة مجالاً لإغلاق محطات الفحم قبل هدف منتصف القرن، سيستمر دفع معدلات انبعاثات البلاد إلى أعلى.

* كاتب متخصص بأسواق السلع وانتقال الطاقة العالمية (رويترز)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/48hjywad

عن الكاتب

كاتب متخصص بأسواق السلع والطاقة الآسيوية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"