عادي
20 ألفاً ينتقلون إليها في العام الجديد

المدارس الحكومية تنافس «الخاصة» في استقطاب الطلبة

01:47 صباحا
قراءة 6 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم

مع انطلاقة العام الدراسي الجديد (2023-2024)، سجّل المشهد التعليمي نجاحاً جديداً للتعليم الحكومي الذي يؤكد تميزه عاماً تلو الآخر، حتى بات يشكّل اهتماماً كبيراً لدى أولياء الأمور، ويجسد بواقعية طموحات الطلبة، فالمدارس الحكومية تظفر هذا العام بانتقال 20 ألف طالب وطالبة إليها من المدارس الخاصة، في سابقة تعد الأولى من نوعها في تاريخ التعليم بالإمارات. ومع حسم بوصلة انتقال الطلبة إلى صالح المدارس الحكومية، مقابل تراجع في الإقبال على المدارس الخاصة بمختلف مناهجها، لتطفو على الساحة التعليمية مستجدات في رغبات وطموحات الطلبة، تناقش «الخليج» مع الميدان التربوي، أسباب هذا التغير وحقيقة هجرة الطلبة من المدارس الخاصة. أكد أولياء أمور أن التعليم الحكومي يعد الأفضل في الوقت الراهن، لقدرته على تطبيق أنماط متعددة للتعلم، فيما افتقر التعليم الخاص إلى عنصر التميز مؤخراً، وتراجعت خدماته وارتفعت كلفته، وتواضعت تقييماته التي لا تعبّر عن المستوى الحقيقي للمخرجات.

1

فيما أكد مديرو مدارس حكومية، أن زيادة عدد طلبات انتقال الطلبة من المدارس الخاصة إلى الحكومية منذ سنوات، دفعت إدارة المدارس للبحث عن حلول لاستيعاب الكم الهائل من طلبات النقل، في دلالة على تألق التعليم الحكومي، من حيث جاهزية المدارس والتزام الهيئات بأنواعها وجودة المخرجات، وعدم وجود إشكاليات تعوق استمرارية عملية التعليم والتعلم.

وفي المقابل، نفى مديرو مدارس خاصة بمختلف المناهج، فكرة أن تكون المدارس الخاصة بيئة طاردة للطلبة، معتبرين أن انتقالات الطلبة تشكّل ظاهرة عادية، وتدخل في إطار قدرات أولياء الأمور المادية، ولا علاقة لها بالجودة أو تراجع مستوى الخدمات والمخرجات. ويرى تربويون أن أسباب ارتفاع سقف انتقال الطلبة من المدارس الخاصة إلى الحكومية، تكمن في كفاءة الثانية في تطبيق أنماط متعددة للتعلم، وجودة مخرجاتها، وخدماتها المتميزة التي لا تشكّل أعباء في نفقات وميزانيات الوالدين.

اتجاهات مطورة

وتقدم المدارس الحكومية تعليماً جيداً للطلبة، وأثبتت قدرتها خلال السنوات القليلة الماضية باتجاهات مطورة متعددة في عملية التعليم والتعلم، تواكب في مضمونها المتغيرات المتوالية للتعليم العالمي، فضلاً عن توفير أدوات ومنصات ذكية وبرامج مطورة وكفاءات تضم كوادر متميزة في جميع التخصصات، هذا ما أكده أولياء الأمور زايد عبدالله، منى عبدالرحمن، وبهاء حمدان، وميثاء آل علي، ومروة عبدالحميد. وأضافوا أن التعليم الحكومي يوفر جميع الخدمات التي تصب في مصلحة الطالب، وتسهم في تقديم تعليم عالي الجودة، فضلاً عن المختبرات المطورة، والأدوات والمنصات الذكية، والكوادر المؤهلة، والإنترنت، دون أن تفرض فلساً واحداً زيادة على الرسوم المعتمدة، على عكس المدارس الخاصة التي تغالي في الرسوم، وتبالغ في الطلبات، والسنوات القليلة الماضية كشفت حقيقة التعليم الخاص التي تركز فقط على تحقيق الأرباح بشتى الطرق، دون الانتباه إلى أهمية جودة الخدمات المقدمة ومستوى المخرجات.

تبديد الطاقات

قال أولياء أمور الطلبة، إن التعليم الخاص بدد طاقاتهم وأرهق قدراتهم المادية بأعباء متجددة تفرضها المدارس مع بداية وخلال العام الدراسي، لاسيما في النفقات ورسوم الدراسة المبالغ فيها، والتي تفوق حجم الخدمات المقدمة بكثير، فضلاً عن إجبار أولياء الأمور على شراء أجهزة وأدوات وتسديد رسوم لخدمات وأنشطة لا وجود لها أساساً.

وأفادوا بأن أبناءهم لم يشعروا بالاستقرار، بسبب رغبة مدارسهم في إنهاء خدمات المعلمين، والتي اعتادت عليها المدارس الخاصة سنوياً، واعتماد عدد منها على أعضاء الهيئة الإدارية في تعليم الطلبة وسد النواقص، فأصبح ولي الأمر غير قادر على معرفة من يدرّس ابنه، فأصبح كثير من الطلبة يعانون تراجعاً في مستوياتهم العلمية.

تحويلات كثيرة

تواصلت «الخليج» هاتفياً مع عدد من مديري المدارس الحكومية، فضلوا عدم ذكر أسمائهم، إذ أكدوا أن العام الدراسي الجديد سجّل أكبر عدد في طلبات انتقال الطلبة في مختلف مراحل التعليم من المدارس الخاصة إلى الحكومية، حيث تجاوزت الطلبات نسبة ال20% التي أقرتها الوزارة للطلبة من غير المواطنين في المدارس الحكومية، تقابلها تحويلات كثيرة للطلبة المواطنين في مختلف مراحل التعليم، والفصول كاملة العدد في معظم المراحل.

وعن أسباب الإقبال المشهود في انتقال الطلبة من التعليم الخاص إلى هذه المدارس، أفادوا بأن جاهزية المدارس الحكومية، لعبت دوراً كبيراً في جذب أولياء الأمور، وتغير بوصلة اتجاهاتهم ورغباتهم التي كانت تركز على المدارس الخاصة بمختلف مناهجها، فضلاً عن النتائج الباهرة لطلبة التعليم الحكومي، والتي تواصل تقدمها عاماً تلو الآخر، والإمكانات المتاحة التي تفوق تجهيزات مدارس خاصة كثيرة، فضلاً عن الكفاءات التربوية والرسوم الدراسية التي لا تشكّل عائقاً لأولياء الأمور.

تراجع ملحوظ

أكد مديرو مدارس خاصة، وهم خلود فهمي، ورانيا السيد، ووليد فؤاد، أن هناك تراجعاً في التسجيل العام الجديد في بعض المدارس الخاصة، تقابلها انتقالات للطلبة إلى المدارس الحكومية لم نشهدها من قبل في تاريخ التعليم، معتبرين أنها ظاهرة عادية لا تشكّل تحديات على إدارات المدارس، لاسيما أن هناك فصولاً كاملة العدد.

وأفادوا بأن الانتقالات لا ترتبط بالضرورة بجودة التعليم وكفاءة الكوادر التربوية والرسوم الدراسية، بقدر ارتباطها بحسابات حياتية وترتيبات أولياء الأمور، فإن كانت الأعداد المنتقلة إلى التعليم الحكومي كبيرة هذا العام، فإنها غير مؤثرة أمام الإقبال المستمر على التعليم الخاص الذي سيظل محافظاً على قدراته على كسب ثقة أولياء الأمور والطلبة، ولن يصبح يوماً بيئة طاردة، ولن يفقد قدرته على المنافسة.

وقالوا إن إدارات المدارس الخاصة تعكف في الوقت الراهن على دراسة أسباب انتقال الطلبة إلى التعليم الحكومي بهذه الأعداد الكبيرة، مع التركيز على وضع خطط من شأنها المحافظة على آليات جذب الطلبة، وتحقيق جودة المخرجات، واستقطاب كفاءات تربوية قادرة على مواكبة المرحلة والمنافسة من جديد.

رغبات وتحولات

في وقفة معهم، شرح عدد من التربويين سلمى عيد وإبراهيم القباني وسهام علي، حقيقة التغيرات في رغبات أولياء الأمور واتجاهاتهم نحو التعليم الحكومي لأبنائهم، إذ أكدوا أن التعليم الحكومي يتألق عاماً تلو الآخر، والمدارس الحكومية أثبتت قدرتها على تطبيق أنواع متعددة للتعليم، ولديها نماذج تعليمية متعددة ومسارات مطورة، فضلاً عن الجاهزية وجودة إدارة المنظومة التعليمية بحكمة واقتدار، وتقريباً فإن هناك غياباً تاماً للإشكاليات المعتادة في التعليم الخاص.

وأكدوا أن اتجاهات التطوير في المدارس الخاصة متعددة ونوعية، ولكن آليات التطبيق متواضعة تميل إلى الجوانب الربحية أكثر من التعليمية، لاسيما في السنوات القليلة الماضية، ما أثر في رغبات أولياء الأمور واتجاهات الطلبة، وهناك بعض المدارس الخاصة المطورة التي استغلت جاهزيتها لتحقق مزيد من الأرباح من أولياء الأمور الذين بدأوا يعتبروها استغلالاً للظروف.

وقالوا إن طلبات المدارس غير منطقية في معظم الأحيان، إذ أرهقت مختلف الأسر، والأهم أن هناك تراجعاً واضحاً في المستويات العلمية للطلبة، نتيجة استغناء بعض المدارس عن المعلمين ذوي الخبرة والكفاءة، والاعتماد على معلمين دون خبرات، وبعضهم يستعين بخبرات الهيئات الإدارية في تدريس الطلبة، بهدف توفير أجر معلم متخصص، متوقعين زيادة محيط انتقال الطلبة من المدارس الخاصة إلى الحكومية في الأعوام الدراسية القادمة.

نظرة على الميدان

في قراءة ل«الخليج» حول المشهد في الميدان للعام الدراسي الجديد (2023-2024)، تبيّن أن مؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي ركّزت على التوسع في نطاق المدارس الحكومية، إذ يشهد الميدان دخول 14 مدرسة حكومية جديدة للخدمة هذا العام، فضلاً عن طرح أنماط متعددة للتعلم، من خلال مسارات تعليمية ونماذج مطورة تحاكي التخصصات المستقبلية، فهناك فصول مجهزة، ومختبرات مطورة للطلبة، فضلاً عن الاستعانة بقرابة 2000 معلم جديد من الكوادر المؤهلة وتدريبها باستمرار على مدار العام، فضلاً عن أكثر من 20 منصة ذكية لتعليم الطلبة وتدريبهم في مختلف المواد.

ولم تفرض المؤسسة أي رسوم إضافية للخدمات التعليمية المقدمة للطلبة، ووضعت آليات مرنة لسداد الرسوم الدراسية، وطرحت عدداً من البرامج والأنشطة الجديدة التي تعالج إشكالية المهارات بأنواعها لدى بعض الطلبة، لتتسم العملية التعليمية بالمرونة والجاذبية، إضافة إلى جودة المخرجات المرتقبة.

فقدت نصف طلابها

علمت «الخليج» أن مدارس خاصة فقدت أكثر من نصف طلابها العام الدراسي الجاري، بسبب الانتقال إلى المدارس الحكومية، فهناك مدارس تراجع فيها التسجيل من 1000 إلى 550 طالباً، وأخرى من 500 إلى 200 طالب، وهناك أعداد كبيرة من الطلبة لم يحسموا أمر التحاقهم بالدارسة حتى الآن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2pm7e6k7

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"