شهد شهر سبتمبر/ أيلول الجاري سلسلة من الأحداث المناخية القاسية التي ضربت 10 بلدان وأقاليم في 12 يوماً فقط، وخلّفت وراءها نتائج كارثية لعشرات الآلاف من الضحايا والمصابين والمفقودين، من خلال فيضانات وأعاصير، وهو الأمر الذي فسره البعض ب«غضب الطبيعة».
وقال خبراء: إن درجات حرارة المحيط الدافئة القياسية قد غذّت موسم الأعاصير المفرط النشاط في المحيط الأطلسي، والذي لا تظهر عليه أي علامات على التباطؤ.
وحذَّر العلماء من أن هذه الأنواع من الظواهر الجوية المتطرفة، التي تؤثر في البلدان في جميع أنحاء العالم، قد تصبح شائعة بشكل متزايد مع تسارع أزمة المناخ، ما يضغط على الحكومات للاستعداد.
وقالت عالمة الغلاف الجوي والمناخ في جامعة سيتي في هونغ كونغ، جونغ إيون تشوك إن «ظاهرة الاحتباس الحراري تغير في الواقع خصائص هطول الأمطار من حيث التكرار والشدة والمدة»، لافتة إلى أن الدمار الذي حدث هذا الصيف كان بسبب مجموعة من العوامل المختلفة بما في ذلك التقلبات المناخية الطبيعية.
ويشار إلى أن أكثر من 90% من ارتفاع درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم على مدار الخمسين عاماً الماضية حدث في المحيطات.
أعاصير آسيا
بدأ شهر سبتمبر/ أيلول بعواصف مميتة وغير مسبوقة، اجتاحت مدناً آسيوية؛ حيث ضرب إعصاران - ساولا وهايكوي - المنطقة في غضون أيام من بعضهما خلال الأسبوع الأول من الشهر، ما تسبب في أضرار واسعة النطاق في جزيرة تايوان ومدينة هونغ كونغ وأجزاء أخرى من جنوب الصين بما في ذلك شنتشن.
واضطر عشرات الملايين من سكان هونغ كونغ ومدن أخرى إلى الاحتماء في الأماكن المغلقة؛ بسبب الإعصار العنيف «ساولا»، الذي ضرب جنوب الصين مع رياح تعد الأقوى التي تهب على المنطقة على الإطلاق.
وألغيت مئات الرحلات في جنوب الصين، وأرجئ بدء العام الدراسي في هونغ كونغ، وبدت شوارع المدينة مقفرة.
العاصفة دانيال
ضربت العاصفة دانيال مساحات واسعة من منطقة البحر الأبيض المتوسط، فقد تشكلت بؤرة من الضغط الجوي المُنخفض في الرابع من سبتمبر/ أيلول الحالي وسط البحر الأبيض المُتوسط، تسببت بهطول كميات كبيرة من الأمطار على أجزاء من دول البلقان بما فيها اليونان إضافة إلى غرب تركيا ومدينة إسطنبول، وتجاوزت كميات الأمطار حاجز 800 ملم في بعض المناطق اليونانية.
وأدى ذلك إلى حدوث فيضانات مُخلفة العديد من الوفيات، ووصفت هذه الكميات بأنها غير مُسبوقة في تلك المناطق والعاصفة الأقوى التي تضرب اليونان منذ عام 1930.
كارثة ليبيا
كان الحدث الأكثر تدميراً على الإطلاق في ليبيا؛ حيث تحركت العاصفة دانيال عبر البحر الأبيض المتوسط، واكتسبت قوتها من مياه البحر الدافئة بشكل غير عادي، قبل أن تتسبب في هطول أمطار غزيرة على شمال شرق البلاد.
وفي وقت تشير فيه التقديرات إلى فقد آلاف الأشخاص وانتشال آلاف الجثث في مدينة درنة الليبية وحدها، يتحدث سكان مناطق أخرى تقع على الساحل الشرقي وتبعد عن درنة قرابة 80 كيلومتراً عن أوضاع كارثية وعشرات المفقودين والضحايا من جرّاء السيول.
أمطار الأمريكيتين
غمرت المياه أجزاء من الأمريكيتين؛ إذ سجلت البرازيل أكثر من 30 حالة وفاة الأسبوع الماضي، بعد هطول أمطار غزيرة وفيضانات في ولاية ريو غراندي دو سول؛ وهي أسوأ كارثة طبيعية تضرب الولاية منذ 40 عاماً.
وفي الوقت نفسه بالولايات المتحدة، تصدر مهرجان «الرجل المحترق» عناوين الأخبار الدولية بعد أن ضربت عاصفة ماطرة غزيرة المنطقة؛ حيث طلب من عشرات الآلاف من الحاضرين بالمهرجان المحافظة على الطعام والماء، بينما تقطعت بهم السبل في صحراء نيفادا.
ويقام مهرجان «الرجل المحترق» في صحراء «بلاك روك»، والتي عادة ما تكون الأجواء فيها جافة.