رغيد جطل
كانت لأعرابي زوجتان شاعرتان، فولدت إحداهما ولداً، وولدت الأخرى بنتاً، فكانت أمّ الولد تحمله وتُرَقّصه أمام ضرّتها، وتنشد بصوت مرتفع لتغيظها:
الحمد لله الحميد العالي
أكرمني ربّي وأعلى حالي
ولم ألد بنتاً كجلدٍ بالي
لا تدفع الضَّيمَ عن العِيالِ
فاغتاظت أم البنت أوّل الأمر وراحت تشكو لزوجها، فقال لها: كلامٌ بكلام، فقولي لها كما تقول، فنظمت أبياتاً ثمّ أصبحت ترقّص ابنتها أمام ضرّتها وتنشد:
وما عليَّ أن تكون جارية
تغسل رأسي وتراعي حاليه
وترفع السّاقط من خماريه
حتّى إذا ما أصبحت كالغانية
زَوَّجْتُها مروانَ أو معاوية
أصهارُ صِدقٍ و مهورٍ عالية
فشاعت أبياتها في النّاس، ولمّا كبرت البنت، قال الأمير مروان بن الحَكم: أكرِم بالبنت وبأمّها، ولا يجب أن يخيب ظنّ الأمّ، فخطب منها ابنتها، وقدّم مئة ألف درهم مهراً، فلمّا علم معاوية بن أبي سفيان، قال: لولا أنّ مروان سَبَقنا إليها لضاعفنا لها المهر، ثمّ بعث للأمّ بمئتي ألف درهم هبة من عنده، فكانت ضرتها تقول: يا ليتني ولدت بنتاً.