عادي

سلطان العويس.. جوهرة الماء

19:39 مساء
قراءة 3 دقائق
سلطان العويس

الشارقة: عثمان حسن

يستحق الشاعر الإماراتي الكبير سلطان بن علي العويس (1925 – 2000) هذه اللفتة المقدرة التي بادرت إليها منظمة اليونيسكو باعتماد عام 2025 عاماً للاحتفال بمئوية ميلاده، فهو من دون شك شاعر مبدع وملهم، جسدت قصائده بما حملت من شفافية وشعرية عالية لسان حال الإنسان حيثما حل وارتحل.. من هنا، يمكن فهم ارتباط اسمه في العالم العربي بكل هذه الهالة الثقافية والحضارية، واستمرار وجوده علماً بارزاً في معظم المحافل الثقافية العربية رغم مرور 23 عاماً على رحيله.

في معرض الحديث عن سلطان العويس وصفه محمد المر، رئيس مجلس إدارة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم بالعروبي الأصيل، وذلك خلال جلسة حوارية بندوة الثقافة والعلوم، بعنوان: «سلطان العويس.. 21 عاماً من الحضور المتجدد»، وقال المر«كان الراحل مؤمناً بالوحدة العربية والتقارب العربي، ومتفائلاً بمستقبل مشرق في قضايا التعليم والبناء الثقافي والاقتصادي، ومتفهماً للأفكار الجديدة».

ووصف الدكتور عبدالإله عبد القادر الشاعر العويس بقوله:«هو ابن الإمارات البار، وكان وجهاً من وجوه الثقافة في دولة الإمارات، فقد كتب عنه نحو 22 كاتباً تناولوا سيرة حياته وشعره، وقد قام الدكتور غانم شهاب بترجمة بعض قصائده إلى اللغة الإنجليزية».

هذه الهالة الأدبية والإنسانية الرفيعة التي ميزت العويس، كانت حاضرة على الدوام في استذكارات أصدقائه، بوصفه رائداً من رواد النهضة في الإمارات، النهضة في جانبها الثقافي والحضاري والاجتماعي والاقتصادي، فليس من قبيل المصادفة أن يبرز اسمه وتظل سيرته ساطعة على المستويين الخليجي والعربي، وأن يكتب عنه وعن سيرته الملهمة عدد كبير من رموز الثقافة والأدب العربي في مناسبات كثيرة، في لبنان وسوريا ومصر.

لقد شكل سلطان العويس بحق ظاهرة ثقافية موسوعية وحضارية توقف عندها كثير من الرموز الثقافية، بل هو قد استثمر جزءاً من أمواله ليؤسس واحدة من أرفع المؤسسات الثقافية في الإمارات والتي حملت اسمه هي مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، وصارت جائزتها السنوية للمبدعين واحدة من أهم الجوائز الأدبية والفكرية والعلمية على المستوى العربي، منذ انطلاقها في عام 1987.

*في النقد

حظيت التجربة الشعرية لسلطان العويس بكثير من القراءات النقدية العربية، حيث كتب الدكتور محمد سيف الإسلام بـوفـلاقـة،» يجد الناظر في شعر سلطان العويس مستوى مناسباً من النضج الفني، فهو صاحب تجربة شعرية متميزة، انطلقت منذ السنوات الأولى لشبابه، فقد أطل على الحركة الأدبية كنجم ساطع، وخصوصيته تظهر في أنه تعلق بالشعر منذ تفتح شبابه، كما تعلق بالبحر، وسيرتبط اسمه باللؤلؤ ثم ينطلق هذا الاسم العربي بهدوء مألوف، ويمتد في الكتابة مرفوعاً على سارية الشعر. بذلك يمسك العويس بجوهرتين: جوهرة الماء، وجوهرة القصيدة، يغوص كما لو يكتب، ويكتب كما لو يغوص، فتناديه الأعماق التي تتألف في يديه مادة استثنائية لها خصوصية تملأ غريزة العاشق عنده، المحب للحياة بأعمق ما يكون الحب.

ويقرأ الباحث وليد العرفي ثنائية اللحظة والفكرة في شعر سلطان العويس، فيخلص من عمق دراسته لديوانه الذي جاء متنوع الأغراض والموضوعات، إلا أن الجامع، والمؤلف بينها جميعاً هو ارتداؤها اللبوس التقليدي (قصيدة البيت)، وقد بوّب الديوان حسب الحروف الهجائية على اختلاف الموضوعات من شعر قومي، ووطني، واجتماعي، ووجداني غزلي، وهذا الأخير احتل الجزء الأعظم من الديوان إلى حد طغيانه على الموضوعات الأخرى.

والشاعر سلطان العويس كما يرى العرفي هو شاعر تعتمد قصيدته على طبيعة الموقف الذي يعيشه، وهو يعتبر ديوان سلطان العويس مرآة تعكس للقارئ تاريخ، وحياة الرجل كما عاشها بأدق تفاصيلها، وهي تنبض بالحركة، والآنية، ويستشهد في هذا الصدد بقوله:

ذكرتُك والحمامُ لهُ هديل

بمنتجع يكاد يذوبُ عطراً

رأيتُ الورد قد حاكاك خداً

وفيه الأقحُوانُ حباك ثغرا

فقلتُ: حبيبتي في كُلِّ روضٍ

يُردد ذكرُها صبحاً وعصراً

وتتجلى نظرة الباحث مؤيد الشيباني لشعر سلطان العويس في محاولته تبيين خصوصية شعره، وإبراز السمات التي تتمتع بها قصائده، فهو يرى أن القصيدة عند سلطان العويس هي أغنية والمفردة فيها ملونة بألوان الطفولة والبراءة إلى حد العفوية، فقد يحس القارئ أن موضوع العويس ينطلق من العام، من الحالة المعيشة بين اليوم واليوم، إلى أن يضيف إليها خصوصيته فتصبح (عويسية) الجمال، والمضمون، والبناء، كما تتميز قصائده بالقصر في كل ما كتب على مدى سنوات تجربته الشعرية، وهذا أيضاً يصب في صدق الكتابة.

كما درس د. وليد خلوصي جدلية المرأة والطبيعة في شعر العويس، فيقدم فهماً عميقاً لأبعاد هذه الجدلية فيلاحظ أن الطبيعة تتحرك في شعر سلطان العويس على مستويين: الأول خارجي، والثاني داخلي. ويؤكد أن شعره يحوي الكثير من عناصر الطبيعة، حيث عبر عن حضورها المكثف في إبداعاته.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/34d66vsb

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"