عادي

زيارة الرجال لبعض النساء

00:47 صباحا
قراءة دقيقتين
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

قال لي: نحن كنا في حياة فلان نزوره في المناسبات والأعياد، باعتباره من وجهاء القوم، وكنا في الوقت نفسه نسلم على زوجته باعتبارها امرأة شريفة وصاحبة فضل على أهل البلد، فهل يصح لنا أن نزور مجلس فلان بعد وفاته، ونتواصل مع أرملته باعتبارها امرأة كبيرة، واعتدنا أن نسلم عليها في أيام حياة زوجها؟

قلت: إن النساء في عهد الرسول، صلى الله عليه وسلم، كن يتواصلن مع المجتمع، وكن يهتممن بشؤون الناس، وكن صلة الوصل بين الناس والرسول، صلى الله عليه وسلم.

وعن عائشة، رضي الله عنها، أن بعض أزواج النبي قلن للنبي: أينا أسرع بك لحوقاً؟ قال عليه الصلاة والسلام: أطولكن يداً، فأخذن قصبة يذرعنها، فكانت سودة أطولهن يداً، فظنن أنها تكون المراد بالحديث.

ولما توفيت زينب بنت جحش علمن أن طول يدها كان الصدقة، إذ كانت تتبرع بإيراداتها من مهنتها في وجوه الخير، وكانت هي أسرع لحوقاً بالرسول، وكانت تحب الصدقة. رواه البخاري ومسلم.

يقول ابن حجر: روى الحاكم في المناقب من مستدركه عن عائشة قالت: وكانت زينب امرأة صنّاعة باليد وكانت تدبغ وتخرز وتتصدق في سبيل الله، انظر:«فتح الباري» ج4- ص29.

وعن عباد بن عبدالله بن الزبير أن عائشة، رضي الله عنها، أمرت أن يُمَرَّ بجنازة سعد بن أبي وقاص في المسجد فيصلى عليه، فأنكر الناس ذلك عليها، فقالت: ما أسرع ما نسي الناس، ما صلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على سهيل بن البيضاء إلا في المسجد. رواه مسلم.

يفهم من هذين الحديثين أن زوجات النبي لم ينغلقن على أنفسهن لا في حياته ولا بعد مماته، فزينب بنت جحش كانت تعمل وتبيع وتكدّ على نفسها، ولها حس مرهف في المجتمع، تنظر إلى حاله فتساعده بين الحين والآخر.

وكذلك عائشة، رضي الله عنها، كانت تتابع حياة الأصحاب في عهد الرسول، وتعرف الرجال واحداً واحداً، لذلك فإن سعداً لما توفي أمرت أن يصلّى عليه في المسجد، أسوة بما كان الرسول يفعله في عهده، عليه الصلاة والسلام، وما ذلك إلا لأنها تقدر الرجال ومواقفهم، ولو لم تكن متواصلة مع المجتمع لما علمت بذلك.

وعن مسروق قال: دخلنا على عائشة، رضي الله عنها، وعندها حسان بن ثابت ينشدها شعراً:

حصان رزان ما تُزّن بريبة

وتصبح غرثى من لحوم الغوافل

فقالت له عائشة: لكنك لست كذلك، قال مسروق: فقلت لها: لم تأذنين له أن يدخل عليك؟ وقد قال الله تعالى:«والذي تولىّ كبره منهم له عذاب عظيم»، فقالت: وأي عذاب أشد من العمى؟

ثم قالت له: إنه كان ينافح أو يهاجي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري ومسلم.

أضف إلى ذلك أن الصحابة كانوا يراجعون زوجات النبي، صلى الله عليه وسلم، للاستفتاء، فالكثير من المسائل أخذوها مشافهة من أمهات المؤمنين، لأنها كانت تحصل في بيت النبوة فلا يعلم بها إلا زوجاته.

لكن ينبغي أن يعلم أنه لم يكن هناك اختلاط من بعد أن نزلت آية الحجاب الخاصة بأمهات المؤمنين، فاللقاءات كانت من وراء حجاب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4d9unc2p

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"