صب الزيت على النار

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

لم يكد شعبا أرمينيا وأذربيجان يتنفسان الصّعداء، بعدما استقرت الأحوال، ووضعت الحرب أوزارها بين الدولتين الجارتين، إثر استعادة باكو إقليم ناغورني كاراباخ، إلا أن قدر هذين الشعبين ألا ينعما بالاستقرار، وكأن الحروب الثلاث بينهما، والتي خلّفت آلاف الضحايا، لم تكن كافية، فها هي أرمينيا تعمل على استيراد أسلحة من فرنسا، ولعلها في ذلك ترسل رسالة مبطّنة لأذربيجان بأنها لن تستسلم لخسائر أخرى، وستلجأ إلى عقد تحالفات مع دول الغرب، بعد أن أدارت لروسيا ظهرها، بحجة انحياز موسكو لأذربيجان.

من الأمور البديهية أن أي دولة لها الحق في التزود بالسلاح من أي دولة في العالم، متى شاءت، فهذا أمر سيادي لا خلاف فيه، لكن الأمر في أرمينيا مختلف، فتزوّدها بالسلاح، لا سيما بعد خروجها من حرب، فيه دلالات محددة، ما حدا بأذربيجان إلى الاستعداد لما هو محتمل في قادم الأيام، والأمر المثير للريبة في المسألة الأرمينية الأذرية أنها تنطوي على أمرين مهمين، كلاهما قد يكون شرارة لحرب جديدة؛ أولهما أن البلدين في بداية حربهما احتكما إلى روسيا التي كانت طرفاً محايداً، وأرسلت قوات حفظ سلام؛ لمنع أي تعدٍ من هذا الطرف، أو ذاك، لكن أرمينيا لم تشأ أن تبقى تحت ظل موسكو، فتوجهت نحو فرنسا، لا سيما بعد توتر العلاقات بين البلدين، واتهام روسيا لأرمينيا على لسان سيرغي لافروف «بأنها تصب الزيت على النار، وأنها هي من تؤجج الأوضاع في منطقة القوقاز»، وثانيهما أن الغرب عموماً، من مصلحته إضعاف روسيا، أو أي حليف لها، وبما أن حرب أوكرانيا لم تؤتِ ثمارها، فلا مانع من إثارة حرب بالوكالة في مكان جديد في العالم، ما يفسر ادّعاء إيمانويل ماكرون، بأن باكو بتحركاتها العسكرية، واتخاذها موسكو حليفاً لها، تهدد وحدة الأراضي الأرمينية، وهذا ما رفضه رئيسها إلهام علييف، متهماً الغرب بأنه لا يكنّ لبلاده علاقات ودّية.

ديدن الغرب ازدواجية المعايير في كل ما لا يخدم مصالحه، ففي حين يُحرّم على أذربيجان أن تدعم ترسانتها العسكرية، أو التحرك بما يحفظ أمنها واستقرارها، ويحدد لها من تحالف ومن تعادي، يطلق في الوقت ذاته، العنان لجارتها بالتسلح كيفما تشاء، في ظل دعم سياسي؛ بل يمدّها بأعتى أنواع الأسلحة رغم تمام معرفته بالتوتر القائم.

وبما أن الأمر بعيد عن الديار الغربية، فلا بأس في أي حرب تثار في أي مكان في العالم، ما دام ذلك خدمة للغرب، وأهدافه.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4v9e4xaj

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"