التعاون لمصلحة المناخ

22:49 مساء
قراءة دقيقتين

د. لويس حبيقة *
هل نطمئن مع انعقاد مؤتمر كبير في دبي «COP28» لمواجهة مشكلة المناخ؟ بعض التجارب السابقة الأساسية غير مشجعة. ما قرر مثلاً منذ سنوات من دعم سنوي للدول النامية لم ينفذ إلا القليل منه، لكن تأسيس صندوق بفضل الإمارات خلال المؤتمر الحالي يعطينا الأمل بأن المواجهة بدأت.

لم تعالج القمم السابقة عموماً أسباب التردي المناخي والسخونة الأرضية ولم تحدد كيفية تخفيف الإضافات السامة في الطبيعة. تمت دراسة النتائج وكيفية معالجتها ولم تتخذ قرارات صارمة بحق المسببين للتلوث. اتفق على التنبه إلى الارتفاع الحراري لأن الإهمال يؤدي حكماً إلى كوارث طبيعية. هذا يتطلب أن تتخذ الدول المشاركة قرارات صعبة لتخفيف الانبعاث الفحمي الذي يلوث الحياة والصحة. المطلوب تخفيف هذا الانبعاث بنسبة 50% قبل 2030. هل هذا ممكن؟ طبعاً إذا رغبت الدول الملوثة وإذا وضعت الموارد الكافية للوصول إليه.

هنالك ضرورة للاستمرار في تنفيذ التحول في الطاقة من الملوثة إلى النظيفة. الجميع يعمل عليه لكن التنفيذ ما زال بطيئاً لأسباب إدارية ولوجود مصالح كبيرة. تقول الدراسات إن العالم يحتاج سنوياً إلى ما بين 3 و 8 آلاف مليار دولار حتى سنة 2050 لتأمين الانتقال الهادئ إلى الطاقة النظيفة. فهل الأموال موجودة في ظروف الحرب الأوكرانية ودمار غزة والأوضاع الصحية والغذائية العالمية كما مع التضخم الذي يأكل معيشة الفقراء؟ هل من يتخذ هذه القرارات الكبرى واع للمخاطر وهل هو مستعد لمواجهة جبهة الملوثين القوية؟

هنالك قناعة دولية بأن القطاع العام غير قادر على محاربة التلوث لأسباب عدة أهمها الفساد. لا بد من التعاون بين القطاعين العام والخاص لإنجاح المهمة. يمكن للقطاع العام أن يضع الإطار القانوني وأن يسمح للقطاع الخاص بالتنفيذ تحت إشراف المؤسسات المتخصصة من محلية ودولية. لا يكفي التزام مؤسسات القطاع العام باحترام المعايير البيئية الدولية بل يجب على القطاع الخاص وخاصة الشركات الصناعية الكبرى أن تحترم هذه القرارات بدقة. يمكن للقطاع العام أن يؤثر كثيراً عبر شروط الإقراض. في فرنسا مثلاً، أقرضت الحكومة شركتي «إير فرنس» و«رينو» أموالاً ميسرة شرط الالتزام بتخفيف التلوث.

من أهم التشريعات الجديدة المحاربة للتلوث، قانون مكافحة التضخم الأمريكي «IRA» الذي يسمح بإنفاق 370 مليار دولار خلال عشر سنوات أو ما يعادل 0,1% من الناتج المحلي الإجمالي. بالرغم من أن النسبة قليلة، إلا أن القيمة الاسمية كبيرة وتسمح بتحقيق العديد من الأهداف. ينفق هذا المبلغ على تطوير الطاقات النظيفة والعناية الصحية ويخفض الضرائب لغايات معينة. يصيب القانون التضخم لأنه يعزز العرض وبالتالي تتغير تدريجياً هيكلية الطلب. يعتبر القانون استثماراً في المستقبل أي في النظافة وصحة الإنسان وطريقة عيشه. لا يمكن لأي قوانين تحمي البيئة أن تنجح إذا لم يقتنع المواطن بها. مهما فعلت الحكومات والشركات، ستفشل إذا لم يتعاون المواطن معها في احترام القوانين وتغيير السلوك.

* كاتب لبناني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2znx78na

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"