عادي

الزكاة

23:20 مساء
قراءة دقيقتين
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

الزكاة في قواميس اللغة العربية هي البركة والنماء والطهارة والصلاح. والزكاة الشرعية قد ترد بمعنى الصدقة، والصدقة بمعنى الزكاة، قال تعالى: «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها..» الآية 103 من سورة التوبة.

والزكاة تحمل معنى إنسانياً سامياً عبر العصور، لذلك فإن الحضارات القديمة التفتت إلى هذه المعاني الإنسانية التي تحملها الزكاة والصدقة، فنجد في الكتب عندها أنها تدعو إلى غرس هذا المعنى الإنساني في النفوس، لأن الزكاة في مجملها هي إحساس الإنسان بآلام أخيه الإنسان، ومحاولة إنقاذه من البؤس والحرمان، انظر: «دائرة معارف القرن العشرين» لمحمد فريد وجدي.

وفي الإسلام نجده يدعو إلى البر بالفقراء والضعفاء بصوت عالٍ، ونلاحظ أن الإسلام قرن الزكاة بالصلاة، قال تعالى: «وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة..» الآية 83 من سورة البقرة.

حتى أن الله سبحانه وتعالى أخبرنا على لسان نبي الله عيسى، عليه السلام، عندما قال وهو في المهد: «وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيّاً» الآية 31 من سورة مريم.

وقبل القرآن الكريم نجد في الإنجيل في الفقرة 33 من الإصحاح 13 من إنجيل لوقا: بيعوا ما لكم وأعطوا صدقة.

وفي الفقرتين 41 و42 من «الإصحاح 5» من «إنجيل متَّى»:«من سألك فأعطه، ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده».

والزكاة في الإسلام هي تطهير للنفس وتطهير للمال، لذلك قال الله تعالى: «قد أفلح من زكاها» الآية 9 من سورة الشمس، و«قد أفلح من تزكى» الآية 14 من سورة الأعلى.

والزكاة اهتم بها الإسلام منذ أن كان الرسول، صلى الله عليه وسلم، في مكة المكرمة، إلا أن الزكاة في العهد المكي كانت مطلقة غير مقيدة بقيود، بل كانت متروكة للمؤمنين حسب فهمهم وقدراتهم.

لذلك يقول ابن كثير في تفسير قوله تعالى: «والذين هم للزكاة فاعلون»، الآية 4 من سورة «المؤمنون»: «الزكاة هنا زكاة الأموال والآية مكية، لكن الظاهر أنه عندما فرضت الزكاة في المدينة أصبحت مقيدة بالنصب والمقادير الخاصة». انظر: «تفسير ابن كثير» ج3، ص238-239.

ويبدو أن الزكاة في أهميتها لا تقل عن الصلاة في الأهمية، ففي تفسير الطبري ج14، ص153 حديث يرويه ابن مسعود رضي الله عنه عن الرسول، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: أمرتم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، ومن لم يزك فلا صلاة له.

ويؤكد هذا التشديد قوله تعالى: «والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم، يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون» الآية 34-35 من سورة التوبة.

وللأهمية أيضاً حدّد الله تعالى الجهات التي تعطى من الزكاة وجوباً، وهي المصارف الثمانية المنصوص عليها في الآية الكريمة: «إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم» الآية 60 من سورة التوبة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/bdd8r3pn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"