عادي

عيادة المريض.. أجر عظيم

23:21 مساء
قراءة 4 دقائق

المريض أحوج الناس إلى الرحمة، والمواساة، وتقوية الروح المعنوية؛ لذا كانت عيادة المريض عملاً له أجر عظيم، قال سيّدنا علي، كرّم الله وجهه: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يقول: «ما من مسلم يعود مسلماً غدوة إلا صلّى عليه سبعون ألف ملك حتى يُمسى، وإن عاده عشية صلّى عليه سبعون ألف ملك حتى يُصبح»، رواه الترمذي.

وورد في كتاب تربية الأولاد في الإسلام للدكتور عبدالله ناصح علوان، أن زيارة المريض من الآداب الاجتماعية الهامة التي على المربّين أن يعيروها اهتمامهم، ويعوّدوا أطفالهم على أدب عيادة المريض، لتتأصّل في نفس الطفل منذ نعومة أظفاره ظاهرة المشاركة الوجدانية، وظاهرة تحسّس آلام الآخرين، ولا يخفى أن هذه الظاهرة إذا نمت وتعمّقت في نفوس الصغار منذ نشأتهم، درجوا على الحب والإيثار والتعاطف، بل تصبح هذه المعاني في نفوسهم خُلقاً وعادة.. فلا يقصّرون في حقٍ، ولا يتقاعسون عن واجب.. بل يشاركون أبناء المجتمع في سرّائهم وضرّائهم، ويتحسسون آمالهم وآلامهم، ويقاسمونهم أفراحهم وأحزانهم.. وهذا غاية ما يحرص عليه الإسلام في تكوّن المجتمع، وتربية الأفراد على خصال الخير، ومبادئ الفضيلة والأخلاق، من أجل هذا كله أمر الإسلام بعيادة المريض، بل جعل هذه العيادة حق المسلم على المسلم.

ومن آداب زيارة المريض، تذكيره بوضع يده على موضع الألم، والدعاء لنفسه بالمأثور: لما روي عن أبي عبدالله عثمان بن أبي العاص، أنه شكا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجعاً يجده في جسده، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل: بسم الله – ثلاثاً – وقل سبع مرات: أعوذ بعزة الله وقدرته من شرّ ما أجد وأحاذر».

أيضاً استحباب قعود العائد عند رأس المريض لما رواه البخاري في (الأدب المفرد) عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم، إذا عاد المريض جلس عند رأسه، ثم قال سبع مرات: «أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك» فإن كان في أجله تأخير عُوفي من وجعه.

تذكيره ب: لا إله إلا الله، إن كان في حالة الاحتضار، لما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله».

وروى أبو داود والحاكم عن معاذ بن جبل، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة».

ويُحدثنا كمال محمد علي في كتابه آداب السلوك في الإسلام – الإتيكيت والبروتوكول، عن أصول الإتيكيت الإسلامي في عيادة المريض، قائلاً إنه من السنة أن نسارع إلى زيارة المريض حين علمنا بمرضه لمؤانسته، وإدخال السرور على قلبه، وأن نكرر الزيارة لذا سميت (عيادة)، من العودة للزيارة.

لكن لزيارة المريض آداب ينبغي مراعاتها، حتى لا تؤدي الزيارة إلى نتيجة عكسية، فيُحكى أن أقواماً زاروا مريضاً، وأطالوا عليه في الزيارة، وعند انصرافهم طلبوا منه أن يدعو لهم بدعاء ويؤمّنون وراءه، فرفع يديه إلى السماء وقال: اللهم علّمنا آداب الزيارة.

وزار آخرون مريضاً وكان متعبا يريد أن يستريح، لكنهم أطالوا عليه وأرهقوه، وعند انصرافهم، قال له بعضهم أوصني، فقال له: إذا زرت مريضاً فخفّف.

ولكي تكون زيارة المريض مثمرة ومحققة للهدف ينبغي مراعاة ما يلي:

أولاً: الدعاء للمريض بالشفاء، ما يزيد أمله في التعافي، ومن الأدعية المأثورة: اللهم ربّ الناس أذهب البأس أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً ولا ألماً (متفق عليه).

ثانياً: يستحب أن نطلب من المريض الدعاء للأصحاء لأن ملائكة الرحمة تحضره، والمريض الصابر يكون في وضع من صفاء النفس والصلة بالله تعالى، ما يجعل دعاءه مظنّة القبول.

كما أن زيارة المريض امتثال لأمر الله سبحانه، وطلب لمرضاته، وفي الحديث القدسي، أن الله تعالى يقول: «يا ابن آدم مرضت فلم تَعدني، قال يا ربّ كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال أما علمت أن عبدي فلانًا مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده».

وعدّد محمد سعيد مبيض، في كتاب الآداب الاجتماعية في الإسلام، آداب زيارة المريض في أمور الإسراع في زيارته فور العلم بمرضه، وتِكرار الزيارة كل يومين، أو ثلاثة، لمؤانسته وإدخال السرور على قلبه، فلقد سُميت زيارة المريض (عيادة) من العودة للزيارة وتكرارها.

سؤال أهل المريض، والمريض نفسه، عن حالته الصحية، وعن مدى تحسّنه ليشعروا باهتمامنا بمريضهم، فتزداد رابطة المحبة بين المسلمين - كما يستحب تشجيع ذوي المريض على الاعتناء به، والإحسان إليه والصبر عليه، وتذكيرهم بما أعدّ الله لهم من أجر عليه إن صبروا.

إطلاق عبارات التشجيع والتفاؤل أمام المريض، كأن نقول: (وضعه اليوم أفضل من البارحة – والحسن ظاهر عليه - ووجهه منور وهكذا)، وأن نذكّره بفضائل أعماله، وأن نهايته إلى خير فلا يجزع - إذ إن لتحسن الوضع النفسي بالإيحاء الروحي أثراً في تحسّن حالة المريض الصحية - ففي الحديث عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا دخلتم على مريض فنفّسوا له في أجله، فإن ذلك لا يردُّ شيئاً ويُطيّب نفسه»، رواه الترمذي وابن ماجة بإسناد ضعيف.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2227pdfb

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"