الصراع حول تايوان

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

لا تزال تايوان تشكل نقطة توتر بين الصين والولايات المتحدة؛ إذ ترى بكين أن هذه المنطقة جزء لا يتجزأ منها، وستعيدها إلى حظيرتها عاجلاً أو آجلاً، بالقوة أو بالسياسة، بينما تدعم واشنطن سيادة تايوان بشكل غير مباشر، وتمدها بالأموال والسلاح والدعم السياسي، ما يثير حفيظة العملاق الآسيوي، الذي يؤكد أن تصرفات أمريكا تعد لعباً بالنار، قد تحرق من يعبث بها. التوتر عاد للظهور، أخيراً، عندما وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على بيع معدات عسكرية ب300 مليون دولار إلى تايوان، وعزم الصين الرد على ذلك، بفرض عقوبات مضادة ضد الشركات المتورطة في مبيعات الأسلحة للجزيرة؛ بل إن بكين رأت أن ذلك يعدّ انتهاكاً صارخاً لمبدأ «صين واحدة»، وتقويضاً لمصالحها الأمنية، كما يدعم القوى الانفصالية فيها.

لكن هذه الاعتراضات ليست في حسبان الولايات المتحدة، الساعية إلى توريط الصين، وإدخالها في مستنقع صراعات لا ينتهي، فهي كما استفزت روسيا بأوكرانيا، ودفعتها لاحقاً إلى غزوها، لإحباط صعودها، تطمح إلى تكرار السيناريو نفسه مع الصين، في ظل صعود الأخيرة عالمياً، وتصدرها السوق العالمية قريباً؛ بل إنها أضحت قطباً عالمياً يحسب له ألف حساب، وحضورها الدولي أساسي لا لبس فيه، وهو ما يؤرق أمريكا التي تتخوف من أن يواصل نفوذها الاضمحلال، بعدما تفردت بقيادة العالم.

واشنطن لم تلجأ إلى إثارة «التنين» عبر تايوان فحسب؛ بل واصلت تسيير مدمراتها في بحر الصين الجنوبي، حيث بكين تؤكد أحقيتها فيه، بينما تجري البحرية الأمريكية مناورات حربية عدة مع الفلبين، مستغلة التوتر بين مانيلا وبكين على ملكية أجزاء من البحر المتنازع عليه، إضافة إلى الضغوط التجارية والاقتصادية التي تحاول أمريكا تكبيل الصين فيها.

وعلى الرغم من ذلك، فإن نفَس الصين لا يزال طويلاً، فهي حريصة على عدم الانجرار إلى مربع تريده أمريكا، إلا أن تحذيراتها وأفعالها التهديدية لم تفتر جرّاء تصرفات واشنطن، حيث تقوم بمناورات حول تايوان؛ لأنها بذلك ترد على استفزازات تهدد سياسة ووحدة أراضيها، كما شددت على أن استخدام الجزيرة كبيدق للقوى الأجنبية لاحتواء الصين، يدفع تدريجياً إلى الحرب؛ بل رأت أن أمريكا تدفع تايوان نحو التدمير وهي تظن أنها تساعدها.

الصراع على أشده بين القطبين الدوليين، فكلٌّ يريد إضعاف الآخر، بينما الدول التي تدور بفلكهما، هي من ستكون الضحية؛ لذا فإن تايوان أمام منعطف خطِر، فإما أن تفتح صفحة جديدة مع الصين، وإلا فسوف تكون وحدها الضحية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/bdhmf3yu

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"