عادي

القراءة..أهم نشاط إنساني عبر التاريخ

19:42 مساء
قراءة 4 دقائق

الشارقة: عثمان حسن
«المرجع في الفهم القرائي» للدكتور عيسى صالح الحمادي مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج بالشارقة، كتاب ينطلق من اعتبار القراءة أهم نشاط إنساني عبر التاريخ، وهي بحسب الكاتب تعد مطلباً لغوياً وتعليمياً وتربوياً، وأن الهدف من كل قراءة هو الفهم، فالقراءة بلا فهم لا تعد قراءة. جاء الكتاب في 316 من القطع الكبير، واشتمل على مقدمة وخمسة فصول هي: «الفهم القرائي وتضمينات المفهوم ومهارات التخصص، مستويات الفهم القرائي طبقاً للعمليات العقلية المتضمنة والمصاحبة، النظريات الدلالية ومهارات الفهم القرائي، استراتيجيات فهم المقروء.. أنشطة وتطبيقات، والقراءة للدراسة».

يقول المؤلف في مقدمة الكتاب: «إن الفهم القرائي عملية عقلية معقدة، تتضمن عدداً من مهارات التفكير، وتتميز هذه العملية بالتفاعل بين القارئ والنص، وبين خبرات القارئ السابقة والمعلومات الجديدة في النص المقروء، كما أن للفهم القرائي مهارات فرعية تختلف في مستوياتها تبدأ من المستوى الحرفي، وتنتهي بالمستوى الإبداعي، ولا بد للمتعلم من إتقانها لكي يربط الأفكار الجديدة بخبرته ومعلوماته ويتفاعل معها».

د. عيسى صالح الحمادي

*وظيفة

في الفصل الأول من الكتاب يبحث المؤلف في محاور عدة بينها: الفهم القرائي يحقق للقراءة وظيفتها، وطبيعة القراءة وتأثيراتها في الفهم القرائي، وسيكولوجية الفهم القرائي، كما يبحث في أنواع القارئ، وأنواع النصوص وعلاقتها بالفهم القرائي.

يقول المؤلف: «يعتبر الفهم القرائي عملية معرفية معقدة تعتمد على الإدراك العقلي للمتعلم، وما يمتلكه من مهارات ضرورية لعملية القراءة، وما يمتاز به هذا المتعلم من قدرة على التفاعل بينه وبين النص المقروء، وتبعاً لخلفية المتعلم السابقة بالموضوع المقروء ودلالاته اللغوية، والقدرة على التحليل، والاستنتاج، والتفكير المنطقي، ودافعية هذا المتعلم نحو القراءة».

ويؤكد المؤلف على ضرورة تعليم القراءة بوصفها هدفاً من أهداف تعليم اللغة، فهي المهارة الأكثر أهمية من بين مهارات اللغة، خاصة أنها تدعم المتعلم بإسهامات لغوية للارتقاء بمستويات أدائه اللغوي، كما ينظر د. الحمادي إلى القراءة بوصفها عملية تتوزع على عناصر: «القارئ، ومهاراته المتطورة، والمقروء، وبناء المعنى».

*مستويات

في الفصل الثاني من الكتاب يبحث د. الحمادي في ثلاثة مستويات من القراءة هي: القراءة الناقدة، والقراءة الإبداعية، والقراءة التذوقية، ويفصل في كل مستوى من هذه المستويات، فهو على سبيل المثال، وفي مستوى القراءة الناقدة يؤكد على أنها عملية بنائية تقوم على استحضار المعنى الذي تستثيره الرموز المكتوبة، وهي أيضاً عملية عقلية يتفاعل فيها القارئ مع النص وصولاً إلى الدلالة التي تعبر عن المعنى الكامن في بنية النص العميقة، تفسيراً، وتحليلاً، واستنتاجاً، وحكماً.

فالقراءة الناقدة كما يقول المؤلف: «هي التي تقرأ ما وراء السطور قراءة تطبيقية، تحليلية، تركيبية، تقويمية من أجل اتخاذ القرارات وإصدار الأحكام بشأن المقروء شكلاً ومضموناً.. أما القراءة الإبداعية فهي عملية عقلية وجدانية تتجاوز تعريف الكلمات، وفهم النص واستيعابه، وتمتد لتتعمق فيه حتى يتوصل المتعلم في أثناء القراءة إلى اكتشاف علاقات جديدة بين الأشياء والحقائق والأحداث الواردة في النص».

يتوقف الكاتب ملياً عند مفهوم القراءة التذوقية، ويدرسها من خلال أبعاد ومحاور وتفاصيل عديدة بينها: مهارات الفهم المرتبطة بجوانب القراءة التذوقية ومنها القراءة السيميائية، والقراءة السوسيولوجية، وجمالية التلقي والتقبل، وأيضاً السوسيونقدية والتواصلية، كما يبحث في مفهوم القراءة التذوقية من منظور نظرية التلقي التي تتجاوز القراءات النموذجية، ويميز الكاتب بين أصناف القراء والمتلقين على سبيل المثال (القارئ العادي، القارئ الناقد، والكاتب الناقد).

*دلالات ومهارات

ويقسم د. الحمادي الفصل الثالث من كتابه إلى ثلاثة محاور رئيسية هي: (النظرية السياقية وتنمية مهارات فهم المقروء، النظرية التحليلية وتنمية مهارات فهم المقروء، والعلاقات المعنوية في النظرية التحليلية).

ويعتبر المؤلف مفهوم أو مصطلح السياق في الدراسات اللغوية الحديثة من المصطلحات العصية على التحديد الدقيق، وإن كان يمثل نظرية دلالية من أكثر نظريات علم الدلالة تماسكاً، وأضبطها منهجاً، ويدرس المؤلف في هذا الفصل دور السياق في تحديد الدلالة، كما يبحث في أنواع السياق التي تتفرع إلى سياق لغوي له عناصر مميزة من حيث التركيب الصوتي، والتركيب الصرفي، والتركيب النحوي، والنظام المعجمي.. الخ، كما يدرس المؤلف في هذا الفصل السياق الثقافي الاجتماعي، ويعرفه بأنه المجال أو الإطار الاجتماعي أو الثقافي الذي ينتمي إليه الكلام، ويخلص إلى أن السياق اللغوي يهتم بدراسة مستويات الكلام اللغوية الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية، فيشرح مفردات الكلام ومدلولاتها، إذ ترتبط أجزاء الجملة بعضها ببعض، وتدل على مختلف العلاقات اللغوية بينها، ومن هنا، تظهر قيمتها الدلالية بحسب وضعها في السياق، وتعلق بعضها ببعض، وبالتالي يكون الأثر الأساسي للسياق اللغوي هو تحديد هذه القيمة (الدلالية) للكلمة ودلالاتها في النظم..

*استراتيجيات

في الفصل الرابع يبحث المؤلف في استراتيجيات الفهم القرائي ومنطلقاتها، من حيث اعتبار القراءة عملية بناء للمعنى، وأن هناك مستويات لفهم المقروء، وأن هناك خصائص وميزات للقارئ الجيد تميزه عن غيره، كما يدرس جملة من الاستراتيجيات الحديثة للفهم القرائي، ويبحث في ضمانات نجاح هذه الاستراتيجيات في تحقيق أهدافها بالنظر إلى ممارسات ما قبل القراءة واستعراض المقروء، وأيضاً القراءة الصامتة.

في الفصل الخامس يتناول المؤلف العديد من المحاور المهمة في سياق بحثه في موضوع «القراءة للدراسة» ويقدم في تمهيد هذا الفصل جملة من المصطلحات الأساسية، ويدرس عدة عوامل أساسية لبناء مهارات القراءة للدراسة وعاداتها، كما يبحث في كيفية زيادة التحصيل بتوظيف عادات القراءة للدراسة، ويرسم مخططاًَ لموضوع القراءة للدراسة، يتبعه ببرنامج للقراءة يستند إلى أربع خطوات.

وفي هذا الفصل يعرف د. الحمادي موضوع (القراءة للدراسة)، وهي قراءة الكتب التي تتضمن معلومات يحتاج إليها التعليم الجامعي، بغرض الحصول على المعلومات، واكتساب المعارف من مصادر مختلفة، ويؤكد المؤلف على ضرورة تنظيم هذه القراءة بشكل يسمح باستدعائها، وتحليلها، وتصنيفها، وتفسيرها، وتقويمها، وتوظيفها، كما يتطلب موضوع (القراءة للدراسة) أن تكون لدى القارئ عادات قرائية تجعل القراءة أكثر فاعلية، وأن يحوز هذا القارئ عدة مهارات تمكنه من استيعاب المقروء، وهذا بحسب المؤلف يتجاوز موضوع القراءة للاستمتاع فقط، أو مباشرة القراءة بصورة عرضية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/mr2a27z2

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"