عادي

زكاة الخيل

23:12 مساء
قراءة دقيقتين
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

الزكاة، عموماً، تجب على المسلم البالغ العاقل الحرّ المالك لنصابها المخصوص بشرائطه، وهي لا تجب على غير المسلم لأنها فرع من الإسلام، فلا يطالب غير المسلم بها إلا بعد إسلامه، وإذا أسلم لا يؤدي الزكاة بأثر رجعي، لأنها لا تترتب عليه ديناً في ذمّته.

ومن المعلوم شرعاً أن زكاة الحيوان لم تفرض في كلّ مقدار منه ولا في كلّ نوع منه، وإنما فرض الإسلام الزكاة في الأنعام الثلاثة: الإبل، والبقر، والغنم، بشرط أن تبلغ النصاب الشرعي المحدّد لكل منها، ويحول عليها الحول، وتكون سائمة، وأن لا تكون عاملة.

ومن المتفق عليه أيضاً أنه تجب الزكاة في صغار المواشي، فتحسب الفُصلان والعجاجيل والحملان من النصاب.

والخلطاء عند أكثر أهل العلم يزكون زكاة المالك الواحد، والخلطاء عند مالك ما اشتركوا في الدلو والحوض والمراح والراعي والفحل.

ثم بعد ذلك، إذا قلنا بأن الزكاة في المواشي فقط، فهل في الخيل زكاة؟ والخيل هي ما كان المسلم يقتنيه للركوب أو حمل الأثقال أو للجهاد عليها في سبيل الله، وإجماع أهل العلم أن مثل هذه الخيل لا زكاة فيها؛ لأنها مشغولة بحاجة مالكها.

لكن إذا كانت الخيل عنده للتجارة والنماء، كما هي اليوم، ففيها زكاة، لأنها حينئذ تأخذ حكم أيّ سلعة تجارية، ويشترط عندئذ ألا تكون معلوفة طول العام، والخيل السائمة إذا كانت كلها ذكوراً فلا زكاة، وإذا كانت ذكوراً وإناثاً تجب فيها الزكاة، انظر: «بدائع الصنائع» ج2، ص34، وانظر: «المجموع» ج5، ص339.

والذين قالوا لا زكاة في الخيل دليلهم قول الرسول، صلى الله عليه وسلم: «ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة»، رواه البخاري ومسلم.

ودليل أبي حنيفة في الخيل السائمة حديث أبي هريرة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «الخيل لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر، فأما الذي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله، ورجل ربطها تغنِّياً وتعفُّفاً ثم لم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها، فهي له ستر، ورجل ربطها فخراً ورياء فهي على ذلك وزر»، رواه البخاري ومسلم وأحمد.

والذي قال بوجوب الزكاة فيها لم يقدر فيها نصاباً معيناً، لكن ذكر ابن عابدين في حاشيته قولاً يحدد بثلاث وقولاً بخمس، انظر: «ردّ المحتار» لابن عابدين ج2، ص25.

ومقدار الواجب فيها أن يدفع عن كل واحدة من أفراس العرب ديناراً، انظر: «حاشية ابن عابدين» ج2، ص 25.

وقد قال العلماء بأن الالتزام بالدينار عن كل فرس غير لازم، لأن القوة الشرائية تختلف من بلد إلى بلد، ومن عصر إلى عصر، ولعلّ الأرجح في هذا ما قاله الإمام النخعي وابن حنيفة أيضاً بأن الخيل تقوّم ثم يخرج من قيمتها ربع العشر.

أقول إن المسألة واضحة، فالخيل تختلف عن المواشي الأخرى، لأنها عزيزة وغالية ولها حكم خاص، لذلك فإنهم اختلفوا في أكلها، وأما زكاتها، فكما بينا قبل قليل، بأنه إذا اتّجر فيها فالحكم واضح أنها صارت من عروض التجارة، وكل ما كان من عروض التجارة فيه زكاة بشروطه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/yebw4zt7

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"