في راهنية حلّ القضية الفلسطينية

00:13 صباحا
قراءة 3 دقائق

بالنظر إلى الديناميات بشقيها السلبي والإيجابي، التي أوجدتها أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 في الأراضي المحتلة، طرحت أسئلة عديدة حول إمكانية السعي الجدّي لإيجاد حلّ للقضية الفلسطينية، وقد أتت الكثير من تلك الأسئلة تحت عنوان «ما بعد غزة»، انطلاقاً من فرضية نظرية وعملية في آن واحد، وهي أن «طوفان الأقصى»، والعدوان الإسرائيلي على غزة، قد يدفعان قوى دولية وإقليمية نحو إطلاق عملية سلام، تنجز ما عجزت «اتفاقية أوسلو» في عام 1993 عن إنجازه، أي قيام دولة فلسطينية مستقلة.

هذه الفرضية المبنية على أن الأحداث الجارية، تضع من جديد القضية الفلسطينية على طاولة القوى الإقليمية والدولية، بوصفها قضية لا يمكن تجاوزها في إطار السعي لبناء منظومة أمن واستقرار في المنطقة، وأن الاعتقاد بإمكانية بناء هذه المنظومة من دون حلّ عادل للقضية الفلسطينية، ليس إلا مجرد أمنيات وأوهام، خصوصاً أن ما حدث في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، أكد خطأ هذا المنطق، بل وتسرّعه في الوصول إلى استنتاجات استراتيجية، من قبيل أن موازين القوى الموجودة، تسمح بإمكانية تمرير مشاريع إقليمية كبرى، من دون معالجة مشكلة تاريخية، كالقضية الفلسطينية.

لكن ما يواجه هذه الفرضية، لا يأتي فقط من خارجها، بل أيضاً من داخلها، فعلى الرغم من الديناميات الجديدة بعد «طوفان الأقصى»، إلا أنه لا يمكن تجاوز موازين القوى، فإذا كان من الصحيح أن هذه الموازين، المختلة من جوانب عديدة، لمصلحة إسرائيل، لا يمكن أن تتجاوز المشكلة الفلسطينية التاريخية، إلا أنه من الخطأ الاعتقاد بأنه يمكن إحداث ضغطٍ كافٍ على إسرائيل، في ظلّ رجحان موازين القوى لمصلحتها، خصوصاً في ضوء الانحياز الأمريكي الكامل لها، من خلال الدعم العسكري والمالي، بالإضافة إلى الدعم السياسي والدبلوماسي.

كما أنه من الأسس البديهية لبدء عملية سلام، أن تكون القيادات السياسية للطرفين مقتنعة بهذه العملية، وقادرة على إعطائه زخماً داخلياً، لكن اللوحة الراهنة تقول إن هذا الشرط اليوم غير متحقّق، فالقيادتين السياسية والعسكرية في إسرائيل، تزاود كل واحدة منهما على الأخرى، في سياسة التشدّد والحرب ضد الفلسطينيين، فالقيادة السياسية، وفي مقدّمتها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تريد تحقيق نصر عسكري ساحق، لتجاوز أزمتها السياسية من جهة، ومنع محاكمتها في حال الفشل، والقيادة العسكرية، التي اتهمت بالتقصير، تريد تحقيق إنجاز عسكري، لاستعادة صورتها ومكانتها في الدولة من جهة، وأمام الجمهور من جهة ثانية، وبالنظر إلى هذه الحالة، فإن النخب الإسرائيلية الموجودة في مركز القيادة اليوم، لا تضع مشروع السلام كأولوية، بل تجده متناقضاً مع مصالحها السياسية والشخصية.

في الجانب الفلسطيني، هناك أزمة انقسام داخلي بين الرئاسة الفلسطينية والحكومة في رام الله، وبين قيادات «حماس» وحكومة غزة، وهذا الانقسام الممتد منذ عام 2007، يحمل في طياته انقسامات سياسية بنيوية ومصلحية تمنع التوافق فيما بينهما.

أما في جانب الوساطة الدولية الفعّالة المطلوبة لهكذا عملية، فإن واشنطن التي تعدّ الطرف الدولي المؤهل للعب هكذا دور، فهي عدا عن انحيازها للقوى المتشدّدة للحرب في إسرائيل، فإنها مقبلة على عام حاسم في الانتخابات الرئاسية، تجعل من الصعب على الرئيس جو بايدن التفريط في ممولي حملته من الأمريكيين الداعمين لإسرائيل، وقيادتها المتشدّدة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/3mdnzrz7

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"