عادي

آلات الإيقاع التراثية بالنيجر مهددة بالزوال

20:00 مساء
قراءة 3 دقائق
صانع طبول تقليدية من النيجر

يتردد صدى سلسلة من ضربات موسيقى منخفضة وعالية، من داخل كوخ غارق في الظلام، يتخللها نداء بلغة الهوسا: موسيقي نيجري يرسل «برقية» تقليدية تُقرع على طبلة.

«هل ترى؟ لقد سمع اسمه!»، يقول أومارو أدامو، الملقب ب«ميدوما»، وهو أحد أشهر الموسيقيين التقليديين في النيجر والأستاذ الكبير للدوما، وهي آلة إيقاع نموذجية لتراث الهوسا، يعدل ترددها من خلال تحريك قدمه الحافية على غشاء من جلد الماعز.

قلة من الناس تفهم الآن هذه اللغة المشفرة، والشباب النيجري الذي يعشق موسيقى الراب والموسيقى الإلكترونية، غفل عن اكتساب هذه الخبرة.

يضع أدامو رداء المسرح باللون الأزرق السماوي ويصبح «ميدوما» مرة أخرى. تلمع عيناه عندما يبدأ بنقر إيقاعاته المفضلة: «حظاً سعيداً! عمل جيد! عاش! الله أكبر!»...

هو سفير موسيقى النيجر على مسارح العالم، بات أدامو الآن الوصي عليها في مركز التدريب والترويج الموسيقي (CFPM)، وهي مؤسسة حكومية تأسست عام 1989 في نيامي.

عدد قليل جداً من الأشخاص الفضوليين يأتون لزيارة «متحفها»، وهو صندوق دائري في زاوية CFPM حيث توجد مجموعة من الآلات الإيقاعية والوترية والنفخية التي تم إنقاذها من حريق المتحف الوطني عام 2011.

يقول أدامو آسفا: «آلاتنا الموسيقية التقليدية مهددة بالزوال، وشباب اليوم جميعهم يريدون العزف على الآلات الحديثة، مثل الغيتار والطبول».

وإذا كانت نخبة الموسيقى النيجرية التقليدية لا تزال موجودة يومياً بين مباني CFPM، فإن أساتذة الدوما، كالانغو وغورومي ومولو أصبحوا نادرين. آلاتهم وإيقاعاتهم ومعانيهم القديمة مهددة بالزوال معهم.

يقول يعقوب موموني الملقب ب«دينكي دينكي»، المغني وعازف الناي: «كم عدد الفنانين الذين يتدربون هنا؟ لقد انتهى الأمر، لقد رحلوا جميعاً».

يؤدي نقص التمويل إلى إحباط كل مشاريع الحفاظ على الآثار في بلد يعتبر بين أفقر البلدان في العالم، وحيث يشكل الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة 70% من السكان.

ويقول موموني الذي أصبح ابنه تلميذه الوحيد حالياً، إن النظرة في النيجر إلى «المؤدين ليست كما هي عليها في مالي أو السنغال. في النيجر، عندما تكون مؤدياً، (ينظر إليك) على أنك مبتذل بعض الشيء في المجتمع».

على عكس البلدين الجارين مالي ونيجيريا، لم تتمكن الموسيقى التقليدية في النيجر من «الانفتاح على أنماط الموسيقى العالمية الأخرى» والتطور كما يرى الفنان والأستاذ ماهاماني ساني.

وينظم منذ العام 2018 ورش عمل لشباب متحدر من أوساط فقيرة؛ حيث يتعلمون العزف وصنع الآلات التقليدية.

على بعد خطوات قليلة من متحف الآلات، في أحد الفصول الدراسية ل CFPM، يتعلم حوالي عشرة طلاب تحت إشرافه، كيفية استخدام غورومي، وهي آلة وترية من أصل الهوسا.

تضع عايشاتا أدامو التي تغطي رأسها بحجاب أبيض، الأوتار الأولى بحذر. تقول: «إذا تمكنت من بيع آلة غورومي واحدة فقط، فسيكون هذا المشغل مفيداً لنا».

بدأ بعض الطلاب من صفوف سابقة مسيرة موسيقية. ووجد آخرون عملاً في شركة تصنيع الآلات الموسيقية والفنون المسرحية التي أسسها ماهاماني ساني.

إلى جانب العثور على عمل لهؤلاء الشباب، فإن الأمر يتعلق ب«فتح أعينهم، وجعلهم يفهمون ما يمكنهم كسبه، وما هي الفائدة التي ينطوي عليها؛ كونهم حاملين لقيم الأجداد هذه»، كما يؤكد هذا الأخير.

خطاب يتردد صداه لدى الشباب الذين يؤكدون هويتهم. ويتساءل عمرو أبورحمان، مغني الراب الشاب الذي يشارك في ورشة العمل، «نحن نقلّد الأشخاص الموجودين في الخارج، لكن لدينا آلاتنا الموسيقية الخاصة، فلماذا لا نعمل عليها؟»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/547u8hsu

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"