الذكاء الاصطناعي مبدعاً

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين

يحيى زكي

منذ عدة سنوات تحدث بعضهم عن قدرة الذكاء الاصطناعي على خوض مجال الإبداع بمختلف وجوهه، أشار أحد النقاد إلى أن هذا الذكاء سيتمكن من كتابة رواية في القريب العاجل، الآن هناك نحو 200 كتاب تروجهم شركة «أمازون» على اعتبار أنهم من نتاج برنامج «تشات جي بي تي» كمؤلف أساسي أو مؤلف مشارك.

في عالمنا العربي ولأننا نمثل أحد الهوامش العلمية والثقافية، استقبلنا تلك الأخبار بوصفها تنتمي إلى الخيال الفانتازي، وتحدث الكثيرون هنا بلغة مشعرنة، لا محل لها في الواقع، عن أن الإبداع سمة بشرية، تتطلب موهبة و تجربة وجودية وحساً وذائقة..الخ، وأن الآلة لن تتمكن يوماً من كتابة نص مبهر يؤثر في عقلنا ووجداننا، ولكن الأمور لم تكن تجري على هذا النحو.

في اليابان فازت الروائية ري كودان بأرقى جائزة أدبية هناك، واعترفت بأن الذكاء الاصطناعي، برنامج «تشات جي بي تي» ساعدها في كتابة أهم فقرات روايتها الفائزة «برج الرحمة في طوكيو»، واللافت أيضاً أن لجنة التحكيم وصفت الرواية بأنها «تبلغ درجة من الكمال يصعب معها العثور على أي خلل فيها»، أي أننا أمام نجاح منقطع النظير لقدرة الآلة على الإبداع بغض النظر عن قصائد الهجاء التي وجهها البعض، عن جهل أو عن عدم تصديق، في عالمنا العربي لإمكانات الذكاء الاصطناعي.

وهذه مجرد البداية، فنحن أمام مستقبل لا يبشر بخير بالنسبة للإبداع البشري، فالشعر قادم على الطريق وفي صحبته الفن التشكيلي، فالتفكير النظري التحليلي والمجرد، ولن تمر سنوات حتى نسمع عن الروبوت الشاعر أو الروبوت المفكر...ولن يصدّع البعض، ممن يشغفون بالكتابة، رؤوسهم بالدراسة أو القراءة أو الاشتغال على الذات أو ضرورة المرور بتجربة أو موقف إنساني. باتت الكتابة، كما نهوى وفي أي حقل نحب، بكبسة زر، وسوف يختلف كاتب عن آخر في مهارة التعامل مع «تشات جي بي تي»، وما سيعقبه من برامج أخرى. فالأمهر سيكون بالتأكيد الكاتب الأنجح، ولن تمر فترة طويلة حتى سنفتح نقاشاً حول أخلاقية هذه التقنية الجديدة، وسينتصر التطور حتماً، حتى ولو لم يكن تطوراً نحو الأجمل أو الأفضل، ولن يبقى أمام البشر إلا محاولة تقنين تلك الأداة وتطبيق قوانين الملكية الفكرية على ملايين النصوص التي ستنتج لمعرفة مقدار الإبداع البشري فيها، وفي ثقافة هي في الأصل تعاني إشكاليات مزمنة، مثل ثقافتنا، سيسود التخبط وستنتشر الرداءة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/4twhrhmz

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"