عادي
السرد في قلب الدورة الجديدة من المهرجان

الرواية تحلّق عالياً بجناحي «طيران الإمارات للآداب»

20:03 مساء
قراءة 4 دقائق
علي أبو الريش

دبي: علاء الدين محمود

لعل من أكثر الأشياء اللافتة في تفاصيل الدورة الجديدة لمهرجان طيران الإمارات للآداب هو ذلك الاهتمام الكبير بالكتابة الإبداعية السردية وعلى مستوى الرواية بصورة أكثر خصوصية، ويتضح ذلك من خلال الجلسات والورش والأنشطة التي يوزعها المهرجان على مدار 6 أيام، والتي هي بمثابة منصات تناقش كل جديد في ما يتعلق بفن الرواية بمشاركة كبيرة لكتاب ونقاد إماراتيين وعرب ومن مختلف أنحاء العالم، وهو الأمر الذي يؤكد المكانة البارزة التي صارت تحتلها الرواية في خريطة الأدب، وبصورة خاصة في قلوب جمهور المتلقين الذين اتجهوا نحو هذا النمط الإبداعي، وكذلك الكتاب أنفسهم، ففيهم من هجر أشكالاً إبداعية كان يمارسها من شعر وقصة قصيرة نحو عالم الرواية المغري والساحر.

ما يعزز ذلك التوجه من قبل المهرجان نحو الرواية في هذه النسخة الجديدة من المهرجان، وجود روائيين محليين وضيوف من الوطن العربي ومختلف أنحاء العالم، كان لهم حضورهم القوي في عالم الرواية حيث حازوا الكثير من الجوائز، من أمثال: علي أبو الريش، وإبراهيم الكوني، وسعود السنعوسي، وإبراهيم فرغلي، وتوشيكازو كاواغوتشي، وبن أوكري، وغيرهم من الأدباء الذين تميزوا في مجال الرواية في بلدانهم وصارت لهم سمعة عالمية، حيث مثلت كتابتهم مصدر إلهام لغيرهم من الأدباء الجدد في هذا المجال الذي صار يطرق بقوة في العالم العربي، إلى درجة أن أطلق عليه لقب «ديوان العرب الجديد».

إبراهيم الكوني

* دور الخيال

برنامج وجلسات المهرجان حافلة بالمواضيع التي تتناول الشأن الروائي، وفي حفل الافتتاح تم الاحتفاء بعدد من الروائيين الذين كان لهم حضورهم المميز في ساحة الفعل السردي العربي والعالمي، حيث ألقى الروائي والكاتب، والشاعر بن أوكري، الحائز جائزة البوكر العالمية لعام 1991؛ نصاً يجمع بين أجناس أدبية عدة تحمل أحلام الإنسان في العصر الحديث بعالم أفضل، كما قدم الكاتب والروائي الأكثر مبيعاً، سعود السنعوسي، الذي حاز الجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2013، كلمة عن دور الخيال في صناعة الروائي، بل وصنع عالماً سعيداً.

ولعل من أبرز تلك فعاليات المهرجان المتعلقة بالرواية جلسة بعنوان «حديث خاص مع إبراهيم الكوني»، يتحدث فيها هذا الروائي العربي الكبير بوصفه واحداً من أبرز وجوه الإبداع السردي في العالم العربي، حيث حاز العديد من الجوائز، ولا تزال أعماله تجد الصدى الكبير والمتابعة حتى من قبل أجيال الشباب، وهناك جلسة بعنوان «في غرفة التحقيق»، يتحدث فيها الروائي إبراهيم فرغلي، ولأن الكاتب الياباني توشيكازو كاواغوتشي من الروائيين الذين تحتل أعمالهم قائمة الكتب الأعلى مبيعاً على الصعيد العالمي، فهو يتحدث في جلسة عن مشواره وممارسته الروائية والقصصية، وتطل إحدى تلك الجلسات على تناول الرواية لقضايا التهميش بعنوان «قصص من الهامش»، حيث تجتمع الكاتبتان الرائدتان، مي النقيب، مؤلفة رواية «بيت غير دائم»، وبالي كور جيسوال، مؤلفة رواية «الآن ترانا»، للحديث حول العدالة والسلطة والقصص غير المروية للنساء المهمشات، كما تحضر الميثولوجيا من خلال جلسة بعنوان «الأسطورة غير المكتملة»، يتحدث فيها الكاتب سعود السنعوسي عن أحدث تجاربه الروائية «أسفار مدينة الطين»، وفي جلسة أخرى يلتقي فيها الأدب بالفلسفة، يتناول الروائي علي أبو الريش، أحد رواد الرواية الإماراتية، تجربته السردية التي نهضت برافعة الفكر، إضافة إلى جلسات أخرى تضم كتاباً مثل سارة الصراف ونجوى بركات وغيرهما من الروائيين العرب والعالميين.

تتيح تلك الجلسات والأنشطة للقارئ والمتلقي اللقاء المباشر مع كتّابه المحبوبين والمفضلين لديه، كما أنها تعبر عن فرصة جيدة للحديث عن التجارب الروائية المختلفة في سياق التعرف على الثقافات التي أنتجت تلك الإبداعات، كما يتم التعرف إلى العديد من التجارب الجديدة في عالم الرواية إضافة إلى المواضيع المختلفة التي تناولها السرد في العصر الحديث.

بن أوكري في حفل الافتتاح

* ورش

ولعل الاهتمام بالرواية والأدب السردي كان أكثر عمقاً في المهرجان من مجرد الجلسات التي يتم فيها استضافة الكتاب، بل تم تخصيص مسابقات وبرامج تهتم بالكتابة الإبداعية وتأخذ بيد الكتاب نحو النجومية، فهنالك الورش التي تمد المؤلف بأسباب النجاح في عالم الرواية ومن أهم تلك الورش واحدة للكاتب ألكسندر ستيل بعنوان «المفاتيح السبعة للنجاح الأدبي»، وهي تعتبر ورشة الكتابة الأشهر على مستوى العالم، حيث تقدم للمؤلفين الجدد سبعة أسرار للكتّاب للارتقاء بكتاباتهم، وتمنحهم المهارات العملية اللازمة للكتابة الاحترافية، إضافة إلى البرامج المتخصصة مثل: «زمالة مؤسسة الإمارات للآداب وصديقي الكتاب» في فصلها الأول لعام 2024، وهو البرنامج الأدبي الإرشادي الذي يأخذ بيد الكتّاب على المسار الصحيح ويفتح لهم آفاق النشر العالمية حيث تم الإعلان في حفل الافتتاح عن المتأهلين للبرنامج، وتعمل تلك الزمالة على منح الفرصة لأفضل الكتّاب في المنطقة العربية للاستفادة من خبرات كبار الكتّاب العالميين وخبراء صناعة النشر، حيث يتلقى المشاركون من المتأهلين تدريباً فردياً مكثفاً، إضافة إلى الورش والندوات التي تساعدهم على تطوير مهاراتهم واكتساب المعرفة اللازمة للوصول إلى العالمية.

تتعدد أشكال وأنواع الاهتمام بجنس الرواية في المهرجان، وجميعها تهدف إلى الصعود بالرواية العربية نحو آفاق جديدة، وتتيح الفرصة لأجيال الروائيين الشباب إلى التعرف على أسرار النجاح في مهمة الكتابة السردية.

سعود السنعوسي
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/pxd2f7es

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"