عادي
ذاكرة الماضي حافلة بالدهشة والقصص الحالمة

الحنين إلى زمن الطيبين في «طيران الإمارات للآداب»

00:03 صباحا
قراءة 4 دقائق
مهرجان طيران الإمارات للآداب تصوير يوسف الامير
مهرجان طيران الإمارات للآداب تصوير يوسف الامير

دبي: علاء الدين محمود
تواصلت أمس الأول جلسات مهرجان طيران الإمارات للآداب في فندق إنتركونتننتال فيستيفال بدبي، حيث شهدت قاعتا الواحة والبراحة جلستين حول ثيمات الحب وتوظيفه في الأعمال الأدبية والحنين إلى أزمنة مضت وانعكاس ذلك على الإبداع في الأنماط الكتابية المختلفة. الجلسة الأولى جاءت بعنوان «العاشق دون وردة حمراء»، تحدث فيها الروائيان إسلام بوشكير، وزهران القاسمي، والشاعرة ندى الحاج، وأدارتها هند سعيد، وتناولت الجلسة مشاعر الحب وقصص الأدب العربي التي احتشدت بحكايات العاشقين.

«الحب ليس موضوعاً بل كينونة ووجود، هو النور والشمس والدفء والماء»، بتلك الكلمات استهلت ندى الحاج حديثها عن الحب في حياة البشر وما يحمله من مدلولات ومعان، وأشارت إلى أن كل كلمة يتكلم بها البشر من القلب تحمل بالضرورة معاني الحب، وأنها تقوم بكتابة الشعر لأنه هو الحياة، فهي ترتجل، في لحظة القصيدة، ما يمليه عليها قلبها، كأنها تقف أمام المرآة أو ورقة بيضاء.

استفاضت ندى الحاج في محاولة تعريف الحب، لافتة إلى أنه ذلك الشعور والعطاء الذي لا ينتظر المقابل، فهي ككاتبة تنظر إلى الحياة بدهشة الطفل لذلك تفهم مشاعر الحب وتظل تنتظره في مطلع كل يوم جديد.

  • عالم ساحر

بينما تناول بوشكير توظيفه لثيمة الحب في روايته «خفة يد»، موضحاً أن ذلك العمل السردي له خصوصيته، حيث إن الحب فيه قائم على فكرة الانتقال بين ما هو واقعي وما هو متخيل، لذلك جاء الحب والمشاعر الأخرى في الرواية في تلك المنطقة بين الحقيقة والخيال، مؤكداً على أن الحب في جوهره ليس حقيقة محضة ولا خيالاً خالصاً، لكنه مزيج بين هذا وذاك، فالبشر يحبون ما هو أمامهم، وما يتمنون حدوثه، وذلك جزء من سحر الحب وتلك هي الأجواء التي سادت في رواية «خفة يد».

ولفت بوشكير إلى أن من أكثر الجوانب المتعلقة بالإحساس بالحب أنه يضمن قدراً من الجاذبية، وهو يحفز على الحرية، مشيراً إلى شخصية المدني في روايته «خفة يد»، ذلك الرجل الذي ترك وظيفته من أجل الفن الذي أحبه، حيث إنه رفض أن يستعبده العمل بعد أن جذبه عالم الحب الساحر، فترك كل شيء من حوله من أجل أن يتفرغ للعيش في محراب الحب.

فيما تناول زهران القاسمي، ثيمة الحب في روايته «تغريبة القافر»، مؤكداً أن الكتابة عن الحب شعرياً تختلف عن ممارسة الكتابة عنه سردياً، ففي الرواية أو القصة لا بد أن تكون هناك علاقات واضحة وصيغة زمنية للحب تماماً كما يحدث في الواقع.

ولفت القاسمي، إلى أن عبارات الحب والحديث المباشر عن المشاعر لا يوجد في القرى أو المناطق البعيدة عن المدينة، حيث يغيب التعبير اللفظي ويتحول الإحساس بالحب إلى أفعال، مثل الصبر في انتظار الحبيب، وغير ذلك، وهذه هي الجوانب التي تناولها القاسمي في روايته «تغريبة القافر».

  • سحر الماضي

الجلسة الثانية جاءت بعنوان «شريط نوستالجيا مع جيل الطيبين»، وتحدث فيها الكاتب: د.عبدالعزيز مسلم، ونجوى بركات، وسعود السنعوسي، بإدارة: بلال الأرفة لي، وتناولت مشاعر الحنين إلى الماضي، أو زمن الطيبين، والذاكرة التي تتشكل حول الأوقات التي يعيشها الإنسان في مراحل طفولته، تلك المحتشدة بالكثير من الوقائع والأحداث والأمكنة التي يحن إليها المرء على الدوام، حيث استذكرت الجلسة روح الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي وكيف كانت الحياة وأشكال الشوارع والمدن؟ وما ساد فيها من أغان وأشعار.

وفي المستهل ذكرت نجوى بركات أنه عندما يأتي ذكر النوستالجيا «الحنين»، فإن ما يطرأ في البال هو زمن الطفولة تلك الجنة المفقودة التي بدأ المرء في تلقي الصفعات عندما خرج منها، فالكاتب على الدوام يدور حول تلك المنطقة الزمنية، حيث يأخذه الحنين إلى فترة الطفولة وما يرتبط بها من أشياء وتصورات.

وأوضحت نجوى أنها في فترة الثمانينيات كانت هاربة من بيروت بفعل الحرب، حيث توجهت نحو باريس لدراسة السينما والمسرح، وأقبلت على تلك البلاد الغربية بثقافة مختلفة وإرث مختلف، لافتة إلى أن العالم العربي عاش تقلبات كثيرة في الثمانينيات، كما تشتت أجيال تلك الفترة في بقاع العالم.

بينما ذكر سعود السنعوسي أن جيل الثمانينيات هو آخر الأجيال المأزومة، فأبناء تلك الفترة يشبهون آباءهم في كل شيء، وقد أقبلوا على عالم التكنولوجيا عندما كبروا؛ أي بعد أن تشبعوا بالتربية والتصورات القديمة، لذلك فإن ذلك الجيل مصاب بصدمة حضارية، بالتالي فهو جيل يحن إلى الماضي، ويظهر ذلك بصورة كبيرة في كتابات الروائيين والشعراء منهم.

وأشار السنعوسي إلى أن كل شيء في هذا العصر يتغير بسرعة كبيرة وكأنه يدفع الأجيال العربية التي نشأت في فترة الثمانينيات والتسعينيات نحو أزمة هوية، وذلك ما استثمره في رواياته.

  • قيم جديدة

ذكر عبدالعزيز المسلم أن الناس عندما يمارسون فعل الهروب من الوقت الراهن، فهم ينعتون الماضي بالزمن الجميل، مشيراً إلى أنه شخصياً لا يود العودة إلى الماضي فقد كان موحشاً، وكان الناس يعيشون في مرحلة متوحشة، فالبشر الآن قد تعرفوا الى قيم جديدة مثل احترام الإنسانية والكثير من الحقوق، موضحاً أن ذاكرة الزمن الماضي، رغم وحشته حافلة بالدهشة والقصص الحالمة، حيث إن الأغاني هي من أهم حبال الذاكرة، فكل أغنية مرتبطة بحدث وواقعة معينة، ففي الثمانينيات سيطرت في منطقة الخليج الأغنية الكويتية، وظلت مرتبطة بذاكرة تلك الحقبة، وكذلك الأغاني المصرية، حيث إن الغناء هو بمثابة تشكيل مهم للذاكرة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/28wmzpma

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"