انخفضت أسعار الغاز في الولايات المتحدة المعدلة حسب التضخم إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من 30 عاماً، حيث أدى فصل الشتاء المعتدل واستمرار نمو الإنتاج إلى ترك السوق يحمل فائضاً متزايداً في المخزونات.
وانخفضت العقود الآجلة للغاز الذي يتم تسليمه في هنري هب في لويزيانا لأشهر أقرب وقت إلى 1.58 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في 15 فبراير، وهو أدنى مستوى من حيث القيمة الحقيقية منذ إطلاق العقود الآجلة في عام 1990.
وبلغت مخزونات الغاز العاملة 2535 مليار قدم مكعبة في التاسع من فبراير، وهو أعلى مستوى خلال هذا الوقت من العام منذ 2016 وقبل ذلك 2012، وفقاً لبيانات من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA).
وكانت المخزونات أعلى بمقدار 346 مليار قدم مكعبة (+16% أو +1.04 انحرافات معيارية) من متوسط السنوات العشر السابقة، وتضخمت من 64 مليار قدم مكعبة (+2% أو +0.24 انحرافات معيارية) أعلاه في بداية موسم التدفئة في الأول من أكتوبر.
شتاء أكثر دفئاً
وبصرف النظر عن فترة قصيرة من البرد الشديد في منتصف شهر يناير، كان شتاء 2024/2023 في الغالب أكثر دفئاً من المتوسط، ما أدى إلى انخفاض الاستهلاك المباشر للغاز، وكذلك توليد الطاقة باستخدام الغاز.
وشهدت الولايات ال48 السفلى ما مجموعه 2603 أيام درجة حرارة مرجحة لعدد السكان في الفترة ما بين 1 يوليو 2023 و14 فبراير 2024، وهو ما يقل بنسبة 11% عن المتوسط الموسمي طويل المدى البالغ 2935.
وكان شهر ديسمبر معتدلاً بشكل خاص، ما تسبب في استنزاف المخزونات بمقدار 300 مليار قدم مكعبة فقط، وهو أقل سحب موسمي منذ ديسمبر 2015، ومقارنة بمتوسط سحب لمدة عشر سنوات يبلغ 478 مليار قدم مكعبة.
تأثير النينيو
وأدت ظروف النينيو القوية في وسط شرق المحيط الهادئ هذا الشتاء إلى توجيه هواء أكثر دفئاً إلى شمال الولايات المتحدة، وضمنت أن تكون درجات الحرارة أكثر اعتدالاً من المعتاد.
وكانت درجات حرارة سطح البحر في وسط شرق المحيط الهادئ أكثر دفئاً بنحو درجتين مئويتين عن المتوسط في ديسمبر، وهي الأكثر دفئاً منذ عام 2015 وقبل ذلك عام 1997، وكلاهما من نوبات ظاهرة النينيو القوية بشكل استثنائي.
وترتبط ظاهرة النينيو القوية عموماً بدرجات حرارة شتوية أكثر دفئاً من المتوسط في جميع أنحاء الولايات المتحدة، خاصة في الطبقة الشمالية من الولايات الممتدة من واشنطن عبر إلينوي إلى ماين.
ومنذ عام 1950، حدثت ست حلقات قوية من ظاهرة النينيو خلال فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي (1957/58، 1965/66، 1982/83، 1991/92، 1997/98، و2015/16) وحالة حدودية واحدة (2009/10).
ومنذ عام 1973، خلال فصول الشتاء التي تتسم بنوبات قوية، كان عدد أيام درجة الحرارة في الولايات المتحدة أقل بنسبة 7% في المتوسط مقارنة بالسنوات التي لم تشهدها (أو أقل بنسبة 10% إذا تم استبعاد الحالة الحدية).
وبالتالي فإن الانخفاض في الطلب على التدفئة بنسبة 11% حتى الآن خلال شتاء 2023/24 يتوافق مع حلقات النينيو القوية السابقة.
نمو الإنتاج
وترسل أسعار العقود الآجلة المنخفضة للغاية أقوى إشارة ممكنة حول الحاجة إلى تباطؤ عمليات الحفر والإنتاج للمساعدة في إعادة التوازن إلى السوق. وبلغ متوسط عدد منصات التنقيب عن الغاز 119 منصة فقط في يناير 2024، بانخفاض من 162 منصة في سبتمبر2022، في استجابة متأخرة لانخفاض الأسعار بعد ارتفاعها بعد الحرب أوكرانيا في فبراير 2022.
لكن عدد منصات الحفر ظل ثابتاً على نطاق واسع خلال الأشهر الخمسة الماضية، واستمرت إنتاجية الآبار في الزيادة مع تركيز الشركات على المواقع الأكثر احتمالاً وحفر أقسام آبار أفقية أطول.
إضافة إلى ذلك، يتم إنتاج المزيد من الغاز واستخلاصه من الآبار المحفورة في المقام الأول لاستخراج النفط، ما يزيد من نمو الإنتاج.
وبلغ إنتاج الغاز الجاف 3178 مليار قدم مكعبة في نوفمبر 2023 (آخر شهر تتوفر عنه بيانات) وهو أعلى بمقدار 111 مليار قدم مكعبة (+4%) عن ما كان عليه في الشهر نفسه من العام السابق.
وارتفع الإنتاج في الأحد عشر شهراً الأولى من عام 2023 بمقدار 1339 مليار قدم مكعبة (+4%) مقارنة بالفترة نفسها من 2022.
كما ارتفع إجمالي صادرات خطوط الأنابيب والغاز المسال، ولكن بمقدار 594 مليار قدم مكعبة فقط، وفقاً للبيانات التي جمعتها إدارة معلومات الطاقة.
ويشير تراجع الأسعار الحقيقية إلى أدنى مستوياتها منذ عدة عقود إلى الحاجة الملحة لمزيد من التباطؤ في حفر الآبار وإكمالها.
وفي الأيام الأخيرة، أعلن العديد من منتجي الغاز خططاً لخفض الإنفاق الرأسمالي، وتقليل عدد منصات الحفر النشطة وأطقم الإنجاز.
وفي الأشهر المقبلة، من المفترض أيضاً أن يعمل الغاز الرخيص بشكل استثنائي على زيادة توليد الطاقة باستخدام الغاز إلى الحد الأقصى على حساب الفحم، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تآكل المزيد من المخزونات الفائضة.
إزالة المخزون الزائد
انخفضت أسعار الغاز الذي تم تسليمه في شهر مارس (شهر الشتاء الأخير) بالفعل بمقدار 7 سنتات عن شهر إبريل (أول شهر ربيع وصيف)، بعد أن بدأت فصل الشتاء بعلاوة قدرها 21 سنتاً.
يجب أن تنخفض الأسعار بما يكفي لفترة كافية لإزالة المخزون الزائد الموروث من شتاء 2024/23 من التخزين وإفساح المجال لإضافة المزيد هذا الصيف قبل شتاء 2025/24.
وانخفضت الأسعار إلى حد كبير، وكانت المعنويات هبوطية للغاية لدرجة أنه من منظور تحديد المواقع البحت، يجب أن يكون ميزان المخاطر في الاتجاه الصعودي. لكن مستثمري المحافظ حاولوا وفشلوا ثلاث مرات بالفعل خلال الأشهر الاثني عشر الماضية تحديد نقطة التحول، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع مؤقت في الأسعار ثم تراجعها.
واشترت صناديق التحوط والمديرون الآخرون العقود الآجلة والخيارات بين فبراير ويوليو 2023 (+1943 مليار قدم مكعبة)، ثم مرة أخرى في سبتمبر وأكتوبر 2023 (+1216 مليار قدم مكعبة) وبين ديسمبر 2023 ويناير 2024 (+1409 مليار قدم مكعبة). (رويترز)
