عادي

الأيام الأخيرة من شعبان.. بركات ونفحات

23:23 مساء
قراءة 4 دقائق

القاهرة: بسيوني الحلواني

الأيام الأخيرة من شهر شعبان كلها بركات ونفحات، والمسلم الحريص على جني ثمار رمضان عليه أن ينتهز هذه الأيام، إذ تمر مسرعة لتحمل لنا بشرى قدوم الشهر المبارك، لتنثر بين أيادينا البر والرحمة والمغفرة والعتق من النار، وفي نفوسنا قيم الحب والإخاء والسماحة والصبر والجود والكرم، لترفع درجات المؤمنين الصادقين في إيمانهم، وتزكي أخلاق الصائمين المخلصين في صومهم، وتجسد رحمة رب العالمين بعباده الطامعين في عفوه ومغفرته.

الصورة

يؤكد د. أحمد معبد، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، ضرورة أن يتحلى المسلم بكل الفضائل، ويكون مستعداً ذهنياً لاستقبال رمضان، ويقول: «مطلوب من المسلم أن يؤهل نفسه للترحيب بشهر الخير والبركة، ويكثر من الدعاء أن يبلغه الله رمضان بعد أن يبارك له في أيام شعبان، والبركة تعني أن يوفق الله الإنسان بالتقرب إلى خالقه بالعبادة والطاعة الصادقة المخلصة لوجه الله تعالى، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب قال: «اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلّغنا رمضان»، وهذا شعور طبيعي لكل قلوب المتقين فهي تحن وتسعد بهذا الشهر الفضيل.

ويوضح د. معبد أن أفضل ما يتقرب به المسلم إلى خالقه في الأيام الأخيرة من شعبان الإكثار من عمل الخير والطاعة، ويقول: «من أكبر نعم الله على الإنسان توفيقه للطاعة، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أتاكم رمضان، شهر مبارك، فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبوب الجحيم، وتُغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم». وهنا يكون من السلوك الطيب والمشاعر الصادقة تبادل التهاني بين المسلمين بقرب حلول رمضان، ذلك الشهر الذي يُبشر المؤمن فيه بفتح أبواب الجنان، ويُبشر المذنب بغلق أبواب النيران، ويُبشر العاقل بوقت تُغل فيه الشياطين».

ويشير د. علي عثمان شحاتة، أستاذ ورئيس قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر إلى ضرورة استحباب عِمارة هذه الأيام من شعبان بالطاعة والعبادة، ويقول: «علينا أن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم في عباداته وطاعاته، وهو القائل في شأن شهر شعبان: «ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان»، ولذلك كان يحييه بالعبادة، ومن بين عباداته عليه الصلاة والسلام فيه الصوم، بشرط عدم المشقة على النفس حتى يتهيأ المسلم لصوم رمضان، فصوم أيام كثر من شهر شعبان سُنة عن رسول الله، لكن دون مشقة على النفس، حيث لا يكلف الله نفساً إلا وسعها».

وينبه د. شحاتة إلى أهمية أن يقضي المسلم ما فاته من صيام قبل قدوم رمضان، فإذا لم يكن قد قضى ما عليه من فوائت قبل ذلك جاز له أن يقضيها خلال هذه الأيام ولو متفرقة، وكذلك ينبه إلى أهمية العمل الخيرى للإنسان، لإدخال البهجة والسرور والراحة النفسية على أصحاب الحاجات، ويقول: «العمل الخيرى ليس شرطاً أن يكون في نطاق الماديات، بل يكون في النفسيات والأمور المعنوية، فقد يكون شقيقان على خصام، أو أب وابنه على خلاف أو نزاع، أو جاران بينهما خصومة، والمساعدة على تصفية كل ذلك قبيل رمضان من أفضل الأعمال إلى الله».

ويشير إلى أن كل مسلم عليه واجب دعوى تجاه دينه في حدود إمكاناته وقدراته وعلمه، والقيام بهذا الواجب من المستحبات في هذه الأيام الطيبة بحيث يكون الإنسان «قدوة طيبة للآخرين»، ويبدأ بأهل بيته وأسرته، ثم يحث الآخرين على الالتزام والحرص على الطاعة والكف عن المعاصي، ويقول: «لو فعلنا ذلك ملتزمين بأدب الدعوة والحوار ما بقي في مجتمعاتنا عاصٍ أو منافق أو كذاب أو مستهتر بالقيم والتعاليم الدينية، والمناخ النفسي والروحي في هذه الأيام يساعد على تحقيق أعظم استفادة من الدعوة والإرشاد الديني للآخرين، وخاصة الذين يستهينون بالمعاصي والذنوب، وعلينا جميعاً أن ندرك أن الدعوة إلى الله عز وجل من أفضل الأعمال وأجلّها وأحسنها وأزكاها، وكيف لا تكون كذلك وقد قال سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.

وفي الأيام المتبقية من شعبان ينصح د. علي عثمان شحاتة كل مسلم أن يكثر من القراءة عن الصوم وآدابه وأخلاقياته، وعن العبادات التي يتعاظم أجرها وثوابها في رمضان ليدخل على الشهر الكريم وهو مستعد عن علم وبصيرة، فالصوم ليس مجرد حرمان من الطعام والشراب كما يتوهم البعض، فليس لله حاجة في مجرد امتناع عباده عن الطعام والشراب وباقي المفطرات خلال ساعات النهار في رمضان، بل هو عبادة لها أهداف ومعانٍ سامية، ومن المهم أن يتعرف الإنسان إلى تلك الأهداف قبل رمضان حتى تكون الممارسة العملية للصوم والعبادات الأخرى المرتبطة به عن علم وبصيرة بأهدافها، وكل وسائل التثقيف الديني متاحة الآن، ومن خلال الهاتف النقال الذي يحمله الإنسان يستطيع أن يتعرف إلى كل ما يتعلق بالصوم وأهدافه وفضائله.

وينصح د. محمود ربيع، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر ببدء صفحة جديدة في هذه الأيام مع الله بالتقرب منه والعودة إليه، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتزام سنته، ومع الوالدين بطاعتهما وبرهما، ومع المجتمع بأن يكون الإنسان في خدمة دينه ومجتمعه، ويذكّر الجميع بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الناس أنفعهم للناس».

كما يوجه د. ربيع الأسر العربية إلى ضرورة اختبار قدرة أطفالها على الصوم في هذه الأيام، حيث لا يجوز إكراه الأطفال على الصوم، ويقول: «من المهم أن نحث أطفالنا على الصوم عند بلوغهم عشر سنين، وتعويدهم على أداء الفرائض الدينية وكافة صور وأشكال الطاعات للخالق والأعمال الخيرية، وفي شهر شعبان يستحسن تدريبهم على ذلك».

ويضيف: «أكد العلماء أن الأعذار التي تبيح للصائم الفطر كثيرة: منها المرض، فإذا مرض الإنسان وخاف بسبب الصوم زيادة المرض، أو تأخير الشفاء، أو حصول مشقة شديدة جاز له الفطر، بل قال بعض الفقهاء: يسن الفطر في هذه الأحوال ويكره الصوم، وإذا صام المريض وتحمل المشقة صح صومه، إلا أنه يكره له ذلك لإعراضه عن الرخصة التي يحبها الله تعالى، وقد يلحقه بذلك ضرر».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/44kp8683

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"