عادي
درة القطائع وشبيه الحرم النبوي

«ابن طولون».. أجمل جوامع القاهرة التاريخية

22:38 مساء
قراءة 3 دقائق
1

القاهرة: «الخليج»

يطل جامع أحمد بن طولون الأثري، مثل لوحة عتيقة، تزين حي السيدة زينب، مقدماً نموذجاً فريداً لما كانت عليه العمارة الإسلامية في الفسطاط القديمة، حيث يصنفه الأثريون، باعتباره أحد أجمل جوامع القاهرة التاريخية، لروعة عمارته التي تشبه إلى حد كبير، عمارة الحرم النبوي، والمسجد الجامع في مدينة سامراء العراقية، حيث يتميز بشكله المربع، الذي يتوسطه صحن مكشوف، تحيط به من جوانبه الأربعة أروقة مسقوفة، إلى جانب إيوان القبلة الذي يضم خمسة أخرى، إلى جانب ثلاثة أيضاً، بين جدرانه والسور الخارجي من جهاته الشمالية الشرقية، والشمالية الغربية، والغربية الجنوبية، يعرفها الأثريون بالزيادات، ويقولون إنها ميزة ينفرد بها عن باقي جوامع القاهرة.

أقيم الجامع في موقع الرميلة، وهو أحد أهم المواقع التي كانت تتبع مدينة القطائع القديمة، ويتصدر بعمارته منطقة «الدحديرة»، المتاخمة لمنطقة قلعة الكبش بحي السيدة زينب الحالي، وقد سميت تلك المنقطة بالقطائع، لأنها كانت تضم أتباع ابن طولون، وهم مجموعة من الخدم الذين بنوا لأسرهم بيوتاً في المنطقة المحيطة بقصره، حتى إذا اتصل البناء بعمارة الفسطاط القديمة، قطّعت تلك المنطقة إلى قطائع، سميت كل قطيعة منها باسم من سكنها، فكانت للنوبة قطعة مفردة تعرف بهم، وللروم قطعة أخرى، وللفراشين قطعة ثالثة، وجميعها كانت تحيط بقصر بن طولون الذي بدأ في بناء «القطائع» في شهر شعبان من عام 256 هجرية، وتشييد قصره الذي كان بمثابة نواة المدينة، حيث كان يقع في الفضاء المعروف بميدان صلاح الدين، بعد تحويل السهل الواقع بين القصر و«جبل يشكر» إلى ميدان كبير يضرب فيه بالصوالجة، وكانت عبارة عن كرة، يلعب بها بالمضرب من فوق ظهور الخيل، وهي تشبه إلى حد كبير لعبة البولينج في الوقت الحاضر.

زخارف نباتية

يعد الجامع أحد عجائب العمارة في مصر، فلا تأتي عليه النيران، أو تهدمه مياه الفيضان، فإن احترقت مصر بقي، وإن غرقت بقي، وقد كان ذلك أحد أهم الشروط التي طلبها ابن طولون من مصمم الجامع، الذي شيده من الآجر الأحمر، ورفعه على دعامات، ولم يدخل في بنائه من الرخام سوى عمودي القبة، لأن «أساطين» الرخام لا صبر لها على النار، وقد استغرق البناء على هذا النحو، حسبما تقول اللوحة التذكارية التي تتصدر بوابته الرئيسية قرابة عامين، قبل طلاء جميع جدرانه ودعاماته وعقوده، بطبقة من الجص، تمت زخرفتها فضلاً على زخرفة واجهات العقود، بزخارف نباتية متصلة، وتحلية بواطن العقود حول الصحن، بزخارف من خطوط متداخلة وأخري لولبية، وشرائط وخطوط منكسرة، وجميعها من الأساليب التي كانت معروفة حينذاك في الفن البيزنطي، إلى جانب الفن القبطي، فضلاً عن فنون العمارة الإسلامية، التي تتجلي في النقوش الموجودة على ألواح السقف الخشبية، التي تحفل بالعديد من الحروف الكوفية البارزة، من طراز الكتابة الطولونية التي سادت في هذا العصر، وبهذا الخط كتبت سورتا البقرة وآل عمران.

النافورة

تعد نافورة الجامع من أجمل ما شيد في الجوامع المصرية قاطبة، وقد خصصت عند بنائها لسقاية المصلين فقط، لذلك فقد شيدت وسط حوض من الرخام، تعلوها قبة مذهبة، تقف على ستة عشر عموداً تهدمت بفعل الزمن، قبل أن يعاد بناؤها في العصر الفاطمي، ثم تهدمت ثانية، وأقيم مكانها البناء الحالي.

مئذنة فريدة

يتميز الجامع عن غيره بمئذنة فريدة في شكلها، لا نظير لها بين المآذن المصرية، فهي مربعة في جزئها الأسفل أسطوانية في جزئها الأوسط، مثمنة في جزئها العلوي، وهي بهذا تحمل بعض الشبه بمئذنة جامع المتوكل في سامراء في العراق والمعروفة بالملوية، وتحيط به بموازاة الأروقة الثلاثة الخارجية أسوار مبنية من الآجر الذي بنيت منه الجدران، تعلوها شرفات مثقوبة، شبهها بعضهم بعرف الديك، وفيها أبواب يقابل كل منها باب من أبواب الجامع وعددها أربعون، كانت سبباً في جذب أنظار كثير من المؤرخين القدامى، مثل ابن دقمان والمقريزي وابن تغري بردي والسيوطي، وغيرهم من العلماء المحدثين أمثال علي باشا مبارك وكمال المصري، وجميعهم تناولوا عمارته بكثير من التفصيل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3du3pff4

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"