عادي
370 مليون أوروبي يستعدون لاختيار برلمانهم..

احتمالية عودة ترامب «تثير القلق» في أوروبا وتقلص خيارات القفز للمجهول

18:02 مساء
قراءة 5 دقائق

الخليج - متابعات

خلال ثلاثة أشهر، سيُدعى 370 مليون أوروبي إلى مراكز الاقتراع لتجديد برلمانهم، مع اقتراب استحقاق انتخابي آخر على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي قد يعيد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

وهذا الاحتمال «يثير القلق» داخل أوروبا، ويصبّ في صالح الأحزاب الحاكمة، وبقدر ما يزداد تهديد ترامب يتقلص الاستعداد الأوروبي للقفز إلى المجهول.

وبناء على ذلك تثور العديد من الأسئلة: هل سيؤثر شبح عودة الملياردير الأمريكي الذي لا يُخفي ازدراءه للاتحاد الأوروبي وأولوياته، من دعم أوكرانيا في مواجهة روسيا إلى مكافحة تغير المناخ، في صناديق الاقتراع في الاتحاد الأوروبي بدوله ال27؟

وهل سيعزز هذا الاحتمال الصعود المرجح لليمين المتطرف؟ أم أنه على العكس سيشجّع الناخبين على توحيد صفوفهم والتصويت لصالح أوروبا أكثر ثباتاً؟

يلخص سيباستيان ميلار من معهد جاك ديلور الوضع قائلاً: «بالنسبة لأوروبا، يشكل ترامب 2 (ولاية جديدة له في البيت الأبيض) علامة تعجب كبيرة وعلامة استفهام ضخمة في الوقت نفسه».

عواقب وخيمة

من جهتها، تؤكد سوزي دينيسون المحللة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن «سيناريو ترامب» سيعود بعواقب وخيمة على المشروع الأوروبي لسنوات، مؤكدة أن العديد من الأولويات الأوروبية سيصبح تحقيقها «أصعب بكثير».

لكنها تأسف لأن هذا السؤال لن يكون بالضرورة في قلب مناقشات الحملة الانتخابية للبرلمان الأوروبي.

وستخضع نتيجة التصويت الذي سيجري من السادس إلى التاسع من حزيران/ يونيو لانتخاب 720 نائباً، لتدقيق كبير، لأن التوازن بين العائلات السياسية يحدد مسار السباق على «المناصب العليا» أي رئاسات المؤسسات الرئيسية: البرلمان والمفوضية والمجلس الأوروبيين.

تهديد الهجرة

قبل أقل من مئة يوم على الانتخابات، تشير استطلاعات الرأي بوضوح إلى صعود اليمين القومي والمشكك في أوروبا، مع وجود مجموعة واسعة من الفروق الدقيقة والمواقف في داخله حسب كل بلد.

ويبدو حزب الشعب الأوروبي (يمين) في وضع جيد يسمح له بالاحتفاظ بموقعه كقوة سياسية كبرى، يليه الاشتراكيون والديمقراطيون. لكن المرتبة الثالثة تبقى أكثر غموضاً.

فكتلة «أوروبا المتجددة» (وسطيون وليبراليون)، التي تحتل هذا الموقع حالياً، قد تتفوق عليها مجموعة الهوية والديمقراطية (يمين متطرف).

ويتوقع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن يحتل «الشعبويون المناهضون لأوروبا» المرتبة الأولى في تسع من الدول الأعضاء، بما في ذلك فرنسا والمجر وإيطاليا وهولندا.

وتقول رايتشل ريزو من الفرع الأوروبي للمجلس الأطلسي: «إن هناك لغة مشتركة تتمحور حول تهديد الهجرة». وأضافت: «لكن من الصعب تحديد التأثير الحقيقي لذلك على المستوى الأوروبي».

ويفترض أن يشكل الوضع الاقتصادي الحالي السيئ تربة خصبة للقوى المشككة في أوروبا.

فعلى الرغم من أن المستهلكين بدؤوا يلمسون تراجع التضخم، فإنه ليس من المتوقع حدوث أي تحسن اقتصادي قبل الانتخابات.

وقد خفض البنك المركزي الأوروبي مؤخراً توقعاته للنمو في منطقة اليورو في 2024 إلى 0,6 في المئة، مقابل 0,8 في المئة في تقديراته السابقة.

الاقتصاد أولاً

يعتقد نحو ثلاثة من كل أربعة أوروبيين أن مستوى معيشتهم سينخفض هذا العام، ويؤكد واحد من كل اثنين تقريباً أن هذا المستوى انخفض بالفعل، حسب دراسة أجريت في كانون الأول/ ديسمبر ل«يوروباروميتر» (استطلاعات للرأي تجري منذ 1974 باسم المؤسسات الأوروبية بما فيها المفوضية).

وتوضح سوزي دينيسون: «هناك عوامل مختلفة تهمّ الناخبين في مختلف البلدان الأوروبية، لكن هناك عاملاً أساسياً واحداً في كل مكان هو الوضع الاقتصادي».

وتبقى معرفة إلى أي مدى سينجح دونالد ترامب الذي يعتبر في تجمعاته الانتخابية عدم شعبيته في أوروبا تقديراً له، في محاولته التأثير على المناقشة الأوروبية.

لقاء ترامب وأوربان

ويؤشر اجتماع ترامب في فلوريدا، الجمعة، مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، «المشاغب» في القمم الأوروبية والزعيم الوحيد في دول الاتحاد الذي يحافظ على علاقات وثيقة مع الكرملين، إلى «نية الرئيس السابق أن يبقى المدمّر الأكبر للتعددية عموماً والاتحاد الأوروبي خصوصاً»، وفقاً لفرانس برس.

وقدم أوربان، دعمه لدونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بعد لقائه الرئيس الأمريكي السابق بولاية فلوريدا الجمعة.

وقالت حملة ترامب في بيان، إن ترامب وأوربان ناقشا «مجموعة كبيرة من القضايا التي تهم المجر والولايات المتحدة، منها الأهمية القصوى لتأمين الحدود لحماية سيادة البلدين».

وتشهد العلاقات بين أوربان والاتحاد الأوروبي خلافات ترتبط بمجموعة من القضايا، منها رفضه إرسال أسلحة إلى كييف وحفاظه على العلاقات الاقتصادية مع موسكو منذ اندلاع حرب أوكرانيا في عام 2022.

وقال أوربان، إن عودة ترامب إلى البيت الأبيض هي وحدها القادرة على إحلال السلام في أوكرانيا.

وأضاف في منشور على منصة «إكس» بعد الاجتماع: «نحن بحاجة إلى قادة في العالم يتمتعون بالاحترام، ويمكنهم إحلال السلام. إنه واحد منهم! عد وأحضر لنا السلام، السيد الرئيس!».

ويحظى أوربان بإعجاب المحافظين في الولايات المتحدة لسياساته الصارمة إزاء الهجرة وموقفه من السيادة الوطنية.

وقال رئيس الوزراء المجري في مقطع مصور على «فيسبوك»، إن منطقة الشرق الأوسط وأوكرانيا كانت تحظى بالسلام خلال رئاسة ترامب في الفترة من 2017 إلى 2021.

وقال ترامب السبت في منشور على منصة (تروث سوشيال) التي يملكها: «فيكتور قائد عظيم ويحظى بالاحترام في أنحاء العالم»، مضيفاً أنه شرف كبير له أن يستضيف أوربان.

وتابع: «المجر بلد آمن بسبب سياسات الهجرة القوية التي ينتهجها، وطالما كان في السلطة، فستظل كذلك دائماً!».

بايدن ينتقد اللقاء

وفي سياق متصل، انتقد الرئيس الأمريكي جو بايدن، الجمعة، منافسه الجمهوري دونالد ترامب بسبب لقائه فيكتور أوربان، قائلاً إن رئيس الوزراء المجري يسعى إلى إرساء «ديكتاتورية».

والتقى أوربان «صديقه العزيز» ترامب الجمعة في معقله بفلوريدا، ورئيس الوزراء المجري هو أحد الزعماء النادرين في أوروبا الذين يتمنون فوز المرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/ نوفمبر على الديمقراطي بايدن.

وقال بايدن لأنصاره في تجمع انتخابي «هل تعرفون من يلتقي اليوم في مارالاغو؟ إنه أوربان من المجر الذي صرح صراحة بأنه لا يعتقد أن الديمقراطية ناجحة وبأنه يسعى (لإرساء) دكتاتورية».

وأضاف الديمقراطي البالغ 81 عاماً «أرى مستقبلاً ندافع فيه عن الديمقراطية ولا نضعفها»، في حين أنه جعل هذا الموضوع إحدى حجج حملته ضد ترامب.

ومساء الجمعة، نشر أوربان على فيسبوك صورة له إلى جانب الرئيس السابق، وكتب في التعليق عليها شعار ترامب «فلنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى».

وقال غلادن بابين، أحد مساعدي أوربان، لوكالة فرانس برس إن «الزيارة ركزت على بناء العلاقات بين المحافظين الأمريكيين والمجريين، والفوائد التي يمكن أن تتأتى من انتخاب الرئيس ترامب في تشرين الثاني/ نوفمبر»، مؤكداً أن الاجتماع مع الرئيس السابق قد عقِد بالفعل.

من جهته، ندد بايدن مجدداً بتصريحات ترامب التي اعتبر أنها تشجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على غزو دول حلف شمال الأطلسي.

الأحزاب الحاكمة

ويؤكد سيباستيان ميلار، أن احتمال عودة ترامب «يثير القلق» داخل أوروبا، وهذا يصبّ في صالح الأحزاب الحاكمة، مرجحاً أنه «بقدر ما يزداد تهديد ترامب وبقدر ما تزداد عدوانية روسيا، يتقلص الاستعداد للقفز إلى المجهول».

ويتابع أنه «في قضايا مثل السياسة الزراعية المشتركة، يجد اليمين المتطرف ضالته: بيرقراطية بروكسل، والمعايير المبالغ فيها... لكن عندما يتعلق الأمر بأوروبا في مواجهة بقية العالم، الأمر مختلف تماماً».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yva7t9hv

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"