لا أفق لوقف الحرب

00:41 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجة

كل المؤشرات تؤكد استحالة تحقيق هدنة مؤقتة في غزة خلال شهر رمضان الذي استقبله الفلسطينيون بأجواء كئيبة مملوءة برائحة الموت، بدل أن يستقبلوه بهدنة تكون بداية لوقف الحرب، وتسهم في تبادل الأسرى، وتنهي حالة البؤس في القطاع الذي تم تدمير معظمه وتشريد أهله، وقتل وجرح منهم ما يزيد على 110 آلاف شخص معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى الجوع الذي ينهكهم وينهش أجسادهم.

المفاوضات الماراثونية التي تُعقد لإيجاد بصيص أمل، تُبنى عليه توافقات تؤدي إلى اتفاق، جميعها باءت بالفشل، في ظل إصرار إسرائيل على الاستمرار بالحرب، وتقسيم القطاع، ورفض عودة النازحين إلى الشمال، وهزيمة الفصائل الفلسطينية بأي ثمن؛ إذ إن اللجوء إلى الهدنة من دون ذلك يعني هزيمة محققة لها؛ لذا فإن ثمة مراوغات وشراء للوقت وتهرباً من استحقاقات أي هدوء، حتى لو كان على حساب المحتجزين في غزة أو ذويهم، أو الجنود الذين يتساقطون في الجبهات، أو الوضع الاقتصادي الذي تعيشه إسرائيل، التي لم تأبه لارتفاع وتيرة المخاوف من الانجرار لحرب إقليمية، أو لضغوط عالمية رسمية وشعبية.

أسباب عدة تدفع إسرائيل إلى عدم وقف الحرب على غزة، ووقف شلال الدماء على الرغم من كل خسائرها، فهي تحاول إعادة هيبتها وقوة الردع التي كانت تتباهى بها على مدى سبعة عقود ماضية، إذ إنها تعتبر ما حدث في السابع من أكتوبر(تشرين الأول) الماضي إهانة، وتريد من خلال القتل والتدمير إيصال رسالة مفادها أن من يفكر بالمساس بها، سيقابل بقوة لا مثيل لها، إضافة إلى أن إنهاء الحرب يعني أن مقاومة الاحتلال لن تتوقف، وربما بقوة أكبر مستقبلاً. وثمة عامل شخصي متعلق بنتنياهو نفسه؛ إذ إن معظم الإسرائيليين يحمّلونه مسؤولية الهجوم، وسوء إدارته للمعركة، وعدم مقدرته على إعادة المحتجزين؛ لذا فإنه معنيّ بإطالة أمد الحرب، للتهرب من استحقاقات قد يواجهها بعد انتهائها، لأن التحقيقات ستشمله لا محالة، والأغلب أنها ستحمّله مسؤولية كل فشل، وهذا ما يثير حفيظة حتى حلفائه ومنهم الرئيس الأمريكي الذي قال إنه يضر بإسرائيل.

ليست كل خيوط الحرب بيد إسرائيل، فأمريكا لها كلمتها وقولها الفصل، وهي في هذه المرحلة غير معنية بإنهاء الحرب؛ بل بتخفيف وطأتها عبر هدن مؤقتة؛ لذا ففي حال قررت واشنطن وضع حد لما يحدث، فإنها قادرة على فرض ذلك، وما أحاديث نتنياهو عن السيادة إلا لذر الرماد بالعيون، لأنه يعلم يقيناً أن أمريكا شريان حياة إسرائيل، ومن دونها لا تصمد، لذا فإن الحل يكون بجهود جماعية عربية ودولية تضغط على واشنطن، كي تجبرها على وقف الحرب، لأن القرار هناك في البيت الأبيض، وليس في «الكابينت».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y27f8624

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"