عادي
مدن تكتب التاريخ

نيسابور.. بُستان الشرق الإسلامي

00:37 صباحا
قراءة 3 دقائق
جامع نيسابور الكبير
الشارقة: عثمان حسن
حين تذكر مدينة «نيسابور»، نشعر بأننا في رحاب واحدة من المدن الإسلامية الكبرى في العصر العباسي، بل هي واحدة من أشهر مراكز الثقافة والتجارة والعمران في هذا العصر، حيث كانت عاصمة لمقاطعة خراسان قديماً، وتقع شمالي شرق إيران قرب العاصمة الإقليمية مشهد.
ظهرت الحضارة وطلائع المدنية في نیسابور في عصر الإمبراطورية الساسانية وتعود التسمية (نيسابور) إلى شابور الثاني الذي أعاد بناءها للمرة الثانية في المئة الرابعة للميلاد، وقد أطلق عليها أيضاً اسم «أبر شهر» ومعناه مدينة الغيم، ثم تأسست مرة أخرى في عهد الدولة الطاهرية (855 - 946هـ/ 1454- 1539م)، التي أقامها الأمير عامر بن طاهر الذرحاني اليافعي في مناطق نفوذ الدولة الرسولية بعد اندثارها، واتخذ من حصن المقرانة عاصمة لها.
وتتميز نيسابور بمعمارها الفريد، فقد أسسها الأكاسرة على نمط تخطيط يشبه رقعة الشطرنج، في كل ضلع ثمانية مربعات، ثم اتسعت رقعتها وعظمت ثروتها في أيام الدولة الصفارية حتى صارت أجمل مدن خراسان.
فتح
فتحت المدينة لأول مرة في أيام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على يد الأحنف بن قيس، ثم فتحت مرة ثانية صلحاً أيام الخليفة الراشد عثمان بن عفان عام 31هـ، ووُلِّيَ عليها الأمير عبد الله بن عامر بن كريز الذي بنى بها جامعاً، وقيل إنها انتقضت في أيام عثمان، فأرسل إليها عبد الله بن عامر ففتحها مرة ثانية. ذكر المؤرخون، أن جامعها الأكبر الذي شهد قمة ازدهارها، بناه عمرو الصفار، ويقوم سقفه على أساطين الآجر، ويدور على صحنه 3 أروقة، وحيطانه مُزَوَّقة بالقرميد المذهب، وله 11باباً، بها أعمدة رخام، وحيطانه وسقفه مزيّنة بشكل مذهل، ومن المعالم الإسلامية التي لا تزال شاهدة على عراقة المدينة؛ مسجدها الكبير المُسمي باسمها، والذي يتميز بمعماره الإسلامي الساحر، وصممه المهندس علي كرخي، وأبعاده تراوح بين 55 و50 متراً، ويسع لنحو 4000 من المصلين، وإذا ما أضيف المصلون في صحن المسجد إلى هذا العدد، يصبح بإمكانه استقبال 6000.
وصف
وفي وصف المدينة قديماً، قيل إن فيها 42 محلة، ودروبها المؤدية إلى الأبواب زهاء الخمسة، وأعظم ما وصلت إليه من السعة كانت بعد عام 679هـ، حيث كان دور أسوارها حينذاك 15000 خطوة، كما أن أعظم أسواقها سوقان: سوق (المربعة الكبيرة) وسوق (المربعة الصغيرة)، وكان سوق المربعة الكبيرة قرب المسجد الجامع، بينما سوق المربعة الصغيرة على بعد قليل من السوق الآخر قرب ميدان الحسينية، ودار الإمارة، وأسواقها طويلة مكتظة بالدكاكين، وتقطعها متعامدة معها أسواق أخرى، وهي تمتد جنوباً وتنتهي شمالاً برأس القنطرة على النهر، وفي هذه الأسواق خانات وفنادق يسكنها التجار، وفيها أسواق تجارية مصنفة كل صنف فيها على حدة، وفيها عدد من البزازين والخرازين وغيرهم من أصحاب الحرف. أما نهر نيسابور الجاري في وادي سفاور، فهو ينحدر إلى نيسابور من قرية بشتفقان المجاورة لها، وعلى هذا الوادي والقنوات قُوَّامٌ وحَفظة، وعمق بعض القنوات تحت الأرض يبلغ مئة درجة، وإذا ما جاوزت هذه القنوات المدينة، تظهر على وجه الأرض، فتسقي المزارع والبساتين، وعلى حافتي النهر المذكور تدور مئة وسبعون رحى، ولكل دار في المدينة قناة تأخذ ماءها من هذا النهر، إضافة إلى أن أكثر الدور فيها صهاريج يخزن فيها الماء لأجل الانتفاع منه في موسم الجفاف، رغم ما في تلك الدور من آبار كثيرة عذبة الماء».
قال عنها ابن بطوطة: «وهي إحدى المدن الأربع التي هي قواعد خراسان، ويقال لها دمشق الصغيرة، لكثرة فواكهها وبساتينها ومياهها وحسنها، وتخترقها أربعة من الأنهار وأسواقها حسنة متسعة»، وهذا يعني أن نيسابور حافظت على رونقها وبهائها وعظم مدارسها حتى القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي.
جمال الطبيعة
اشتهرت بساتين نيسابور الكثيرة المحيطة بها بـ(الريباس)، وهو نوع من الثمار ينبت في الجبال المثلجة والبلاد الباردة وطعمه حامض، وحجمه في نيسابور كبير، ولجمال الطبيعة الخلابة التي تميزت بها هذه المدينة، قال ياقوت الحموي إنه لم ير مدينة أحسن منها، وقال عنها أيضاً: «بلاد الدنيا العظام ثلاثة، نيسابور لأنها باب الشرق، ودمشق لأنها باب الغرب، والموصل لأن القاصد إلى الجهتين قل ما لا يمر بها
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2ux4hvry

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"