عادي

إمّا الأرض أو الحرب.. يريفان بين مطرقة وسندان في الصراع الآذري- الأرمني

13:30 مساء
قراءة 3 دقائق
إمّا الأرض أو الحرب.. يريفان بين مطرقة وسندان في الصراع الآذري- الأرمني

«الخليج» - وكالات
بدأت الصراعات بين أرمينيا وأذربيجان عقب استقلالهما عن الإمبراطورية الروسية يوم 28 مايو/ أيار 1918، فدخلتا في نزاعات إقليمية حول الأراضي التي ترى كل منهما أنّها ملك لها تاريخياً وعرقياً، وأهمها إقليم ناغورني كارابخ، ومنذ اشتعال فتيل الخلاف تتكرر الأزمات بشكل مطرد، حيث أكّدت أرمينيا أنّها بصدد حرب مع جارتها أذربيجان إذ لم تعد إليها الأراضي المتنازع عليها بين البلدين.
و قال رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان: «إن بلاده قد تواجه حرباً مع أذربيجان إذا لم تتوصل معها إلى تسوية بشأن إعادة بعض الأراضي الأذربيجانية الاستراتيجية التي تسيطر عليها أرمينيا منذ أوائل التسعينيات».
أدلى باشينيان بهذه التصريحات في اجتماع أمس الاثنين، مع سكان من المناطق الحدودية في منطقة تافوش بشمال أرمينيا القريبة من سلسلة قرى أذربيجانية مهجورة تسيطر عليها يريفان منذ بداية عام 1990 في المراحل الأولى للصراع.
ونقلت وكالة تاس للأنباء عن باشينيان قوله، في مقطع فيديو للاجتماع نشرته الحكومة الأرمينية: «يمكننا أن نغادر هنا الآن، لنذهب إلى أذربيجان ونقول لها: لا، لن نفعل أي شيء. وهذا يعني أنّه بنهاية الأسبوع ستبدأ حرب».
وأشار باشينيان مراراً في الأسابيع الأخيرة إلى استعداده لإعادة القرى إلى أذربيجان، والتي تشكل أهمية ليريفان لأنّها تسيطر على الطريق الرئيسي المتجه شمالاً إلى الحدود مع جورجيا.
وتقول أذربيجان: إنّ إعادة أراضيها شرط مسبق للتوصل إلى اتفاق سلام ينهي صراعاً استمر ثلاثة عقود على منطقة ناجورنو قرة باغ التي استعادتها أذربيجان في سبتمبر أيلول.
وعبّر الجانبان عن رغبتهما في توقيع معاهدة سلام رسمية لكن المحادثات تعثرت بسبب قضايا، مثل ترسيم الحدود بين البلدين، والتي يبلغ طولها ألف كيلومتر وهي مغلقة وشديدة التحصين، ولا تزال كل من أرمينيا وأذربيجان تحتلان أراضي معترفاً بها دولياً على أنّها جزء من أراضي الدولة الأخرى.
واستمرت الصراعات بين أرمينيا وأذربيجان بين عامي 1918 و1920، لكن هذه الصراعات سرعان ما توقفت بعد انضمامهما إلى الاتحاد السوفييتي سنة 1922.
وسرعان ما عادت تلك الصراعات إلى الاشتعال مرة أخرى مباشرة بعد الإعلان عن تفكك الاتحاد السوفييتي سنة 1991، مسفرةً عن حروب دامية بين البلدين خلفت آلاف القتلى ومئات الآلاف من السكان النازحين، ما تسبب في أزمة سياسية كبيرة امتدت لأكثر من قرن.
وجاء ذلك رغم الوساطات الدولية والمحاولات العديدة التي قامت بها مجموعة مينسك (نسبة إلى عاصمة بيلاروسيا التي تم فيها التفاوض)، والتي أنشئت خصيصاً سنة 1992 لحل نزاع إقليم ناغورني كارباخ بين أرمينيا وأذربيجان، وتكونت من 17 دولة برئاسة فرنسا وروسيا والولايات المتحدة.

  • أسباب الصراع

تتجسد أسباب الصراع بين الجارتين اللتين تقعان على مفترق طرق رئيسي بين أوروبا الشرقية وآسيا الغربية، حول منطقة انفصالية تعرف باسم «ناغورني كارباخ»، وتحاول كل منهما بسط سيطرتها على الإقليم الذي ظل لعقود طويلة مسرحاً للتنافس على النفوذ بين المسيحيين الأرمن والمسلمين الترك والفرس.
يتكون اسم هذا الإقليم من مقطعين هما «ناغورني» وتعني باللغة الروسية «الجبلية»، و«كارباخ» وتعني باللغة التركية «الحديقة السوداء»، لكن الأرمن يطلقون على الإقليم اسم «آرتساخ» ومعناها «غابة آر»، و«آر» هو «إله الشمس» عند الأرمن القدماء.
هذه المنطقة الجبلية - التي تبلغ مساحتها نحو 4400 كيلومتر مربع وتسكنها أغلبية عرقية أرمينية محلية - لطالما كانت تشكل جزءاً من أذربيجان السوفييتية، لكن في سنة 1987 أطلق السكان الأرمن على هذا الإقليم حملات تطالب بالانفصال عن أذربيجان والانضمام في الوقت نفسه إلى أرمينيا.

  • بداية الصراع

وتعود جذور الصراع بين أرمينيا وأذربيجان إلى بداية القرن الـ 19 عندما أبرمت معاهدة جولستان للسلام سنة 1813 ومعاهدة تركمانجاي للسلام سنة 1828 بين الإمبراطوريتين الروسية والفارسية اللتين قامتا بموجب هاتين المعاهدتين بتوطين جماعي سريع للأرمن من إيران وتركيا في المنطقة، ما أدى إلى تغيير التكوين العرقي في المنطقة تماماً.
وقد أسهمت ثورة أكتوبر/ تشرين الثاني 1917 في روسيا القيصرية في تأسيس الاتحاد السوفييتي بعد إطاحة البلاشفة بالحكومة الروسية المؤقتة آنذاك بقيادة فلاديمير لينين، حيث تم الإعلان عن تأسيس جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفييتية، وذلك من خلال توحيد الجمهوريات الروسية والأوكرانية والقوقازية (تضم كلاً من أذربيجان وجورجيا وأرمينيا)، بالإضافة إلى بيلاروسيا.
وعليه، فإنّ جذور الصراع بين الجارتين حول ناغورني كارباخ - الذي بات يعرف بالإقليم الملتهب - تعود إلى قرن من الزمن، على الأقل حين أقدم جوزيف ستالين (القائد الثاني للاتحاد السوفييتي) على ضم هذا الإقليم إلى الرسم الحدودي لأذربيجان مع منحه صلاحية الحكم الذاتي داخل جمهورية أذربيجان.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5b8rdndz

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"