عادي
موسيقى الروح

رثاء الموشحات

00:05 صباحا
قراءة دقيقة واحدة
1

إيمان الهاشمي

من الضروري أن نعطي فن الرثاء الموشحي حقه كاملاً، فالمشاعر المحترقة هنا ليست عاملاً ثانوياً مُهمَلاً أو جانباً بسيطاً وخاملاً، وإنما تعتبر عنصراً مهماً أساسياً وشاملاً، لما يحمل في طياته أعذب وأرقى معاني الحب والإخلاص والوفاء، تلك المعاني التي لا يعرف حقيقتها سوى الصادقين المخلصين الشرفاء.

وإن عانى معظم هذا الفن من الإهمال الرهيب آنذاك حد الاندثار والاختفاء، فقد ذيع أن ابن جبير قد كتب خمسة موشحات في رثاء زوجته، باسم «نتيجة وجد الجوانح في تأبين القرين الصالح»، وهي مجموعة شعرية كلها حول فراق رفيقة حياته، ولكن للأسف الشديد لم يصل إلينا شيء من موشحاته!

من الطبيعي ألا يكترث صاحب المرثية بالاحتفاظ بمرثيته وما يستوفيها، فروحه حينها كانت تنزف فَقْداً ومجروحة بما يكفيها، لتمضي في رحلةٍ غامضة عما يمكن أن يداويها أو يشفيها، فكيف له أن يفكر في أن يحتفظ بها أو يُخفيها، وهو بالأساس قد كتبها في حالةٍ يُرثى له فيها؟

على كل حال لا تقتصر المرثيات على حالات الفَقْد بمعنى الموت عند البشرية، بل تشمل أيضاً انهيار الأوطان أو خسارتها ظلماً أو انتهاء الحرية، ومع ذلك لم تلقَ العناية أو الرعاية التي تستحقها في ذاك الزمان، واكتفت الكتب التاريخية بذكرها من دون تفصيلٍ أو بيان، ولربما ارتأتها بنظرةٍ تفاؤلية مملوءة بالألحان، ففشلت في إبهاج مرارتها بالغناء ومخارج النطق في اللسان، وبالتالي عجز عن شرح واقعها القلم أو البنان.

Eman_Alhashimi13 @

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"