عادي
الذكاء الاجتماعي

التحية الخالدة

23:41 مساء
قراءة 3 دقائق
1
سالم بن ارحمه الشويهي

د. سالم بن ارحمه
آدم عليه السلام أول من حيّا بتحية الإسلام، كما قال النبي عليه الصلاة السلام: «لمّا خلق الله آدم قال: اذهب فسلّم على أولئك النّفر. وهم نفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يجيبونك. فإنّها تحيّتك وتحيّة ذرّيّتك قال: فذهب فقال: السّلام عليكم. فقالوا: السّلام عليك ورحمة الله. فزادوه: ورحمة الله».

ولسائل أن يسأل: لماذا اختير لفظ السلام ليكون تحية الإسلام ؟ والجواب: لأن السلام ليس تحية فحسب؛ بل هو تحية باسم من أسماء الله وهو: السلام، وبما يعنيه هذا الاسم من أسمائه تعالى الحسنى من معنى جليل، وفيه عقد وعهد أمان، ودعاء للمسلّم بالسلامة من جميع الآفات والشرور، وحلول الخير والبركة إضافة إلى ما ينال صاحبها من عظيم الأجر والثواب.

قال صلى الله عليه وسلم: «السلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه في الأرض، فأفشوه بينكم؛ فإن الرجل المسلم إذا مر بقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم السلام، فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم وأطيب». والمراد بهم: الملائكة الكرام.

وقولك: السلام عليكم، أي: اسم الله عليك، فأنت في حفظ الله، وسلامتُه ملازمة لك، فإذا قال: السلام عليكم، فقد بشره بالسلامة وآمنه من الخوف، ومعناه: سلمت منّي فاجعلني أسلم منك، قال ابن هبيرة: «من سلّم على رجل فقد أمّنه».

ولذا كان من الحِكم في توجيه النبي، صلى الله عليه وسلم، ابتداء سلام الراكب على الماشي، والماشي على القاعد؛ لأن الراكب أقوى من الماشي، والماشي أقدر على القاعد؛ فأمر عليه السلام بسلام الأقوى على الأضعف، فكأنه يقول لهم: لا تخافوا مني، ولا تخشوا من كلامي، فإنما كل ما يصدر مني سلم بحكم إيماني بأبعاد اسم الله تعالى السلام.

وهذه صفة المؤمن، لقوله عليه الصلاة والسلام: «المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه»، فعندما نتعامل بوعي وبصيرة مع معنى السلام سيؤتي ثماره الإيمانية وأبعاده التربوية الملموسة في واقعنا ومجتمعاتنا، فالمؤمن المتخلّق بأخلاق الله يغرس فيه السلامُ الذي يُلقيه على الغير شحنةً من الأمن والعافية والطمأنينة والخير؛

لذلك لا بد أن نعزز مبدأ السلام فيما بيننا، ونغرس هذه الروح في الأطفال منذ الصغر، نعيش هذا المفهوم واقعاً في حياتنا لننعم بسلام وأمان، ولتكون كل أيامنا ولحظات لقائنا ودخولنا وخروجنا السلام، فربنا «السلام المؤمن المهيمن»، وديننا الإسلام كما قال تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام)، وجزاؤنا دار السلام كما قال ربنا جل جلاله: (لهم دار السلام عند ربهم)، وتحيتنا السلام في الدنيا والآخرة كما قال تعالى: (تحيتهم فيها سلام). وهي تحية الملائكة للمؤمنين عند الوفاة كما قال تعالى: (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم)، وعند دخول الجنة قال تعالى: (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم).

وليس هذا فحسب، بل إن الأقرب من ربه وكرمه وعطفه ووده وبره هو الأسبق من غيره في بذل السلام وإلقائه وإفشائه، قال رسول الله: «إنّ أولى النّاس بالله من بدأهم بالسّلام»، أي: مِن أخصهم برحمته وغفرانه والقرب منه في جناته.

وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم: «يا رسول الله، الرجلان يلتقيان أيهما يبدأ بالسلام؟ قال: أولاهما بالله تعالى». فلو لم يكن لنا محفّز ومرغّب في الحرص على أن نكون المبتدئين بالسلام إلا هذا الحديث لكفى، فبادر بالسلام لتحصل على هذه الفضيلة، وعملاً بأمر النبي حين قال: «أفشوا السلام بينكم»، وقوله صلى الله عليه وسلم في حقوق المسلم: «إذا لقيته فسلم عليه»، و«إن من موجبات المغفرة بذل السلام».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y5v6rd9n

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"