شراكة أمريكية إفريقية

00:52 صباحا
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

كانت الصين وروسيا حاضرتين بقوة في اجتماعات القمة التي استضافتها واشنطن وضمت حوالي 55 من قادة وزعماء القارة الإفريقية. وفي الواقع فإن الهدف الرئيسي وراء انعقاد القمة كان يتعلق بمحاولة إدارة الرئيس جو بايدن محاصرة الانتشار الواسع لنفوذ الدولتين الكبريين داخل القارة، وبذل الجهود والعمل على عكس بوصلة السياسة الإفريقية المتجهة نحو موسكو وبكين وإعادة توجيهها نحو العاصمة الأمريكية.

وعلى الرغم من أن بعض المراقبين يشيرون الى وصول متأخر للإدارة الأمريكية الى دول القارة، مع احتدام المنافسة بين الدول الثلاث، في ظل الحرب الدائرة حالياً في أوكرانيا والتوترات الأمريكية الصينية في البحر الجنوبي وحول تايوان والبرنامج النووي لكوريا الشمالية، الا أن الوقت ربما لا يزال مبكراً لتقييم فاعلية الجهود الأمريكية في هذا الصدد.

لم يبذل الرئيس بايدن أي محاولة لإخفاء هدفه من اللقاء مع زعماء القارة الإفريقية، بل إنه أفصح خلال الاجتماعات مع القادة وفي تصريحات للصحفيين، عن أن إدارته تعمل على إبعاد إفريقيا عن فلك النفوذ الصيني والروسي. ومع ذلك فإن الدعوة الأمريكية للتحالف الوثيق والشراكة السياسية والاقتصادية والتجارية لم تكن خالية من الحوافز أو مجانية، ولا كانت مرتبطة بالتهديد والوعيد كما يحدث عادة في الحالات المماثلة.

فقد جدد بايدن تعهده السابق بتخصيص مقعد إفريقي دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وأيد منح الاتحاد الإفريقي عضوية دائمة في مجموعة العشرين. وقال مسؤولون أمريكيون إنهم على اتصال بالهند مضيفة قمة مجموعة العشرين لعام 2023 بشأن ضم الاتحاد الإفريقي الى عضوية المجموعة.

وفي جانب المساعدات المالية وتدفق التمويل، أعلنت الإدارة الأمريكية تخصيص استثمارات بقيمة 55 مليار دولار في مشاريع بالقارة على مدى السنوات الثلاث المقبلة، من بينها استثمارات في الطاقة الخضراء وتدريب العاملين في مجال الصحة وتحديث شبكات الإنترنت.

وبينما تبدو تصريحات المسؤولين الأمريكيين خلال القمة وكأنها محاولات غزل فجة لزعماء إفريقيا الذين تتركز أولوياتهم في التنمية ومحاربة التخلف بشكل أساسي، والذين لم يتورطوا في الصراعات التي تخوضها الدول الكبرى ولا يرغبون بأن يكونوا وقوداً لها، فإن بعض الزعماء أوضحوا أن الشراكة لا تعني الانقياد الأعمى أو منح الشريك الأمريكي شيكاً على بياض لتشكيل سياساتهم الخارجية.

فالرئيس السنغالي ماكي سال الذي يرأس الدورة الحالية للاتحاد الإفريقي، دعا واشنطن خلال القمة إلى إنهاء العقوبات طويلة الأمد المفروضة على دولة زيمبابوي، وأعرب عن قلقه بشأن مشروع قانون في الكونغرس من شأنه أن يفرض عقوبات على الدول الإفريقية بسبب تعاملها مع روسيا. وقال سال في خطابه أمام الزعماء «ستكون هذه هي المرة الأولى في العلاقات الدولية التي يتم فيها استهداف قارة بأكملها».

أما بالنسبة للوجود الصيني، فإن لدى المسؤولين الأمريكيين مفاهيم تعتبر استثمارات بكين في القارة معيقة للتنمية وتركز على الاعتماد على المساعدات، على عكس الاستثمارات الأمريكية والغربية. وهي مفاهيم تفرزها أجواء المنافسة بين الدولتين الكبريين ولا تحمل أي صفة إلزام لدول القارة.

[email protected]

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3puvrzar

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"