أزمة الروهينجا

00:37 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

لا تزال أزمة «الروهينجا» تكبر يوماً بعد آخر، دون حل فعلي على الأرض؛ فبينما حكومة ميانمار تتلكأ في إيجاد ضمانات مقنعة لوقف المذبحة بحق الأقلية في إقليم راخين الذي تحول إلى مسلخ مورست فيه أبشع عمليات القتل؛ فإن اللاجئين الذين نجوا من هذه الأهوال وهربوا إلى بنجلاديش يواجهون المصير ذاته، لكن بطرق أخرى؛ فهذا البلد المجاور لميانمار، يرى فيهم عبئاً لا بد من إيجاد تسوية للتخلص من وجودهم على أراضيه؛ إذ بدأت السلطات بإجراءات فعلية تضييقية بحقهم، فنقلت الآلاف منهم إلى جزيرة نائية معرضة للفيضانات على خليج البنغال، على الرغم من المخاوف المتعلقة بالسلامة وعدم قبول اللاجئين بهذا الإجراء.

  هذا الإجراء ألقى بظلاله على 1.2 مليون شخص لاجئ، من بينهم 660 ألف طفل و276 ألفاً من النساء، يعانون أصلاً نقص الخدمات الصحية، و1.1 مليون شخص منهم 605 آلاف طفل و253 ألف امرأة يواجهون نقصاً في الحصول على المياه النظيفة، إلى جانب 696 ألف طالب أصبحوا خارج العملية التعليمية بسبب ظروف اللجوء، كما يفتقد مليون شخص من بينهم 550 ألف طفل و230 ألف امرأة إلى خدمات الإيواء.

 ورغم فداحة هذه الأرقام، فإن المخاوف تتزايد في ظل التهميش العالمي لهذه القضية الملحة، حيث يتزامن هذا التناسي الدولي، مع إجراءات حكومة دكا التي هدفت من وراء نقل اللاجئين إلى ممارسة الضغوط على الأمم المتحدة لحثها على المساهمة في تخفيف العبء عن كاهلها، بيد أن المنظمة الأممية رفضت ذلك وبدت متشككة، من ناحية تخشى أن يعلق اللاجئون لسنوات في الجزيرة في ظل تقيد حرية حركتهم؛ ومن ناحية ثانية ترى أنه من الصعب عليها تقديم المساعدات الإغاثية للاجئين في مكانين مختلفين: مدينة كوكس بازار، وجزيرة «بهاشان تشار» التي تتقاذفها الأعاصير من كل جانب.

 لاجئو الروهينجا الذين باتوا بلا دولة ولا جنسية بعد رفض ميانمار الاعتراف بمواطنتهم، وما زالوا ضحية عجز العالم عن الوقوف إلى جانب مظلمتهم، فقد وصفتهم الأمم المتحدة بأنهم «أكثر شعب بلا أصدقاء في العالم»، إذ لا ترغب الدول المجاورة في إيوائهم، بينما يتعرضون للتطهير العرقي في بلادهم.

 القوى العظمى إلى جانب المنظمات الدولية، التي طالما تغنت بالإنسانية، مطالبة بوقف المجاملات لميانمار، أو انتقادها على استحياء، والضغط عليها وإن لزم الأمر التلويح بالعقوبات، حتى تتعهد بإصلاح أو إلغاء قانون المواطنة لعام 1982 الذي يحرم الروهينجا من جميع حقوقهم الأساسية، والتوقف عن بث الكراهية ضدهم، فقط لأنهم منحدرون من أقلية مغايرة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، ثم التحقيق في جرائم الإبادة. وإلا ستبقى قضيتهم وصمة عار تلاحق كل من صمت، لأن السكوت عن هكذا تجاوزات هو مشاركة في الجرم. وعلى الصعيد الآخر العمل على ضخ الدعم لبنجلاديش لتوفير بيئة مناسبة للاجئين الذين يذوقون الويلات جراء الأزمات المتلاحقة التي تعترضهم دون توقف.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"