غياب دوافع التقدم العلمي

00:51 صباحا
قراءة دقيقتين

عبد اللطيف الزبيدي

كيف يريد العرب التقدم على طريق العلوم والبحث العلمي، ولا وجود لأي عوامل مشجّعة في هذه الميادين الحيويّة؟ دع العلاقات البينيّة المترهلة، المتداعية، المتباعدة، المتشاسعة (الملكية الفكرية اللغوية، من فضلك)، اتركها جانباً، هل سمعت بجائزة اختراع، اكتشاف، «ضربة معلم» علمية، برق ابتكاري ساطع لامع يخطف أبصار العالم في صناعة أو زراعة، في تقانة، في رقمي، معلوماتية، خوارزميّات، علوم عصبية، ذكاء اصطناعي، نانو تقانة، فيزياء كوانتوم؟ ولْيُقس ما لم يُقل.

 يبدو أن عدوى التراجع إلى الوراء انتقلت، كأنها إصابة عين، كأنما زلقوهم بالأبصار، فمنذ كثرت جوائز الأدب في بلاد العرب، توارى الإبداع. هل تجرؤ على القول إن الشعر اليوم بخير وعافية، وأنه لا يعاني ريحاً سافية؟ كان يسمّى «صناعة» عند القدامى في تاريخ الأدب العربي، وكان النقّاد يؤثرون الشعر المطبوع على الشعر المصنوع، ويفتنهم ذلك الجارية ينابيعه سلسبيلاً نميراً غير متصنع ولا متكلف. انتقلت عدوى التقهقر الإبداعي، ولم تنتقل «عدوى» كثرة الجوائز إلى ميادين العلوم والتقانة. معذرة، الحركة العلمية في العالم العربي لا تشبه القطة السوداء في الغرفة المظلمة والقطة غير موجودة أصلاً. معاذ الله، لكنها تشبه المادة السوداء التي لا يراها أحد. لا يمكن بأيّ حال إنكار وجود العلماء العرب. هم أظهر وأجلى وجوداً في مراكز البحث العلمي في الدول المتقدمة، وفي الجامعات والمختبرات، والدراسات العلمية البارزة عالمياً؛ لأن تلك المؤسسات تشجع على التألق في العلوم والتقانة. 

 أمّا في العالم العربي فحتى لو أشرقت شموسهم، فإن إشعاعها يغدو طاقة سوداء غير مرئية. ثمّة حركة ظريفة لو حدثت في الدماغ العربي، لتغيرت الأمور مئة وثمانين درجة. لو ربط العقل العربي التنمية بمناهج التربية والتعليم، فأدى ذلك إلى التطوير العصري المستقبليّ في سبيل النموّ الاقتصادي الفائق الذي صار قائماً في جميع قطاعاته ومجالاته على العلوم والتقانة، لأدرك معنى ضرورة تشجيع الابتكار والاكتشاف والاختراع، ولأقام في كل شارع وزقاق مركزاً للبحث العلمي، ولأصدر في كل مدينة باقة من المجلات العلمية والتقانية، وأطلق جائزة لكل علم. كل اختراع كبير يمكن أن يغير المسيرة الاقتصادية جذرياً. كل اكتشاف عظيم يمكن أن يجعل القطار التنموي الذي يسير، يطير.

 لزوم ما يلزم: النتيجة اللغوية: في التشجيع ينسى الناس دائماً أنه يعني جعل الطرف شجاعاً، اقتحامياً بالإرادة والطموح.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"