أمريكا.. الليلة الصاخبة

00:56 صباحا
قراءة دقيقتين

صادق ناشر

لم تشهد الولايات المتحدة الأمريكية حدثاً كالذي شهدته الأربعاء الماضي، بعد أن تعرضت ديمقراطيتها لهزة عنيفة، ومن قبل رئيس البلاد، المعني الأول في الحفاظ عليها، إثر التحريض الذي قام به احتجاجاً على خسارته في الانتخابات الرئاسية التي جرت في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لصالح منافسه الديمقراطي جو بايدن، وهو التحريض الذي أدى إلى اقتحام مبنى الكونجرس بعد تجمع الآلاف من أنصاره شارك فيه الرئيس نفسه ودعاهم للزحف إلى المبنى ورفض النتائج.

 كان الحادث صدمة لكثيرين من السياسيين داخل الولايات المتحدة وخارجها، الذين تابعوا العنف الذي مارسه أنصار ترامب بعد اقتحام مبنى الكونجرس الذي كان بدأ لتوّه جلسة لإقرار نتائج الانتخابات، ما اضطر إلى تعليق جلسته، بعد أن وصلت الفوضى إلى داخله، وعجزت الشرطة المكلفة بحمايته عن منع المهاجمين من الدخول بسبب أعدادهم الكثيفة.

 راهن ترامب على نائبه مايك بنس لعرقلة تصديق الكونجرس على النتائج، لكن الأخير انحاز إلى المنطق وامتنع عن مسايرة رئيسه، كما أن عدداً من أعضاء الحزب الجمهوري بدأوا بالتخلي عنه بعدما أدخل الديمقراطية الأمريكية في مأزق عميق، وتجلى ذلك في التصريحات التي أدلى بها رؤساء سابقون ينتمون إلى الحزب، من بينهم جورج بوش الابن، الذي انتقد التحريض الذي قام بها ترامب وأدى إلى إلحاق ضرر كبير بسمعة الحزب، الذي بلا شك سوف يجد نفسه في وضع أسوأ مما كان عليه.

 ومع أن الكثير من المراقبين رصد تحريضاً كبيراً من قبل ترامب على نتائج الانتخابات واعتبارها مزورة وسرقت منه، إلا أنهم لم يتوقعوا مثل هذا النهج الذي لم يسبق أن مارسه أي رئيس في تاريخ البلاد، غير أن الرئيس باراك أوباما لم يفاجئه ما حدث، بقوله:«سنخدع أنفسنا إذا تعاملنا على ما حدث على أنه مفاجأة تامة».

 المشهد غير المألوف الذي طغى في ليلة الفوضى باقتحام أنصار ترامب لمبنى الكونجرس لمنع التصديق على نتائج الانتخابات ستتذكره الولايات المتحدة الأمريكية لعقود قادمة، وقد يدفع المشرعين إلى تقديم ما يمكن أن يعيد النظر في الدستور لمنع حدوث ما أقدم عليه ترامب من تهديد على الديمقراطية، ومنع تمرد كالذي أقدم على فعله رئيس، المكلف بحماية الديمقراطية في البلاد عوضاً عن التحريض عليها.

 حوّل ترامب أمريكا إلى ساحة للصراع والكراهية، وعوضاً عن دعم الديمقراطية، قادها إلى الدمار، لهذا ترتفع الأصوات لعزله أو تنحيته من منصبه قبل تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن في العشرين من الشهر الجاري، حتى لا يتكرر ما حدث في دورة قادمة.

 مع ذلك يمكن القول إن على أمريكا أن تكف عن تقديم نفسها قائدة للعالم الحر وزعيمة للديمقراطية.. فما جرى يكفي لنسف ذلك.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"