الصراع المفتوح

01:03 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

لم يخالف الرئيس الأمريكي جو بايدن التوقعات بعدما وضح أطر العلاقة التي ستحكم بلاده مع الصين في المرحلة اللاحقة. فالرئيس الجديد كان قد وعد في أكثر من مناسبة بالاستمرار في نهج سلفه ترامب بالتشدد تجاه بكين، التي بدأت تشكل تهديداً استراتيجياً على الولايات المتحدة،، من خلال محاولتها تسيد الاقتصاد العالمي؛ إذ غزت منتجات بكين على اختلاف أنواعها الأسواق الأمريكية، وباتت تدعم الاقتصاد الصيني بمليارت الدولارات، ما يهدد فعلياً تماسك أمريكا اقتصادياً، ويجعلها في المدى المنظور رهينة الاقتصاد الصيني. وعلى الصعيد السياسي، فإن بكين بدأت تسعى للخروج من تأثيرها الإقليمي المحدود إلى العالمية؛ حيث إنها تطمح لبناء علاقات قارية بل إنها بالفعل مدت نفوذها إلى الكثير من الدول عسكرياً واقتصادياً الأمر الذي دفع الإدارات الأمريكية الأخيرة المتعاقبة إلى دق ناقوس الخطر للتصدي للتنين الآسيوي الذي بدأ يزاحم من أجل إيجاد حيز له بين الكبار.

 صعود الصين المتسارع بات يشكل تحدياً حقيقياً لساكني البيت الأبيض بل إن إعلان العداء لبكين بات الملف المشترك بين الإدارات المتباينة أصلاً. فإدارة بايدن سارت على نهج الرئيس السابق في التشدد تجاه الخصم الأكثر شراسة بل إنها توعدت بحماية الشركاء من التهديدات، ثم سيّرت مدمراتها إلى بحر الصين الجنوبي لتنفيذ مناورات في تحدٍ حقيقي لإرادة الصين، التي هي أيضاً ردت بتحركات عسكرية في البحر لتوجيه رسالة صارمة بأنها قادرة على «صد الأعداء» خاصة مع تنفيذ تايوان طلعات جوية اعتبرتها بكين استفزازاً مدعوماً من أمريكا.

 واشنطن تحاول كبح جماح الصين ما وجدت إلى ذلك سبيلاً لكن في المقابل يحافظ «التنين الآسيوي» على الحد الفاصل كي لا تتدحرج الأمور إلى مواجهة شاملة. فسفير الصين لدى الولايات المتحدة رأى أن التعامل مع الصين كخصم استراتيجي للولايات المتحدة هو سوء تقدير قد يؤدي إلى أخطاء، وأشار إلى أن التعايش السلمي مع الولايات المتحدة هو الحل الوحيد، محذراً في الوقت نفسه من تجاوز الخطوط الحمر. وسار نائب الرئيس الصيني وانغ تشي شان على نفس السياق عندما هدّأ المخاوف؛ حيث أكد أن المصالح المشتركة بين الصين والولايات المتحدة تفوق خلافاتهما، مطالباً بالتمسك بروح الاحترام المتبادل والتعاون الذي يعود بالنفع على الطرفين. لكن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، صعّد اللهجة بعدما رفض مطالب بكين بالسيادة على بحر الصين الجنوبي، بما يتجاوز ما يسمح به القانون الدولي، عازماً الوقوف إلى جانب دول جنوب شرق آسيا في مواجهة الضغوط الصينية، وذلك بعدما سنت بكين قانوناً يسمح لخفر السواحل بفتح النار على السفن الأجنبية؛ حيث وصفته الفلبين (حليفة أمريكا) بأنه تهديد بالحرب. 

 الصراع بين الدولتين العملاقتين متوازن بحيث يراعي كل طرف الخطوط الحمر، كي لا تتدحرج الأمور إلى مواجهة شاملة، لكن الأكيد أن علاقتهما ستبقى متوترة في ظل الصراع المحموم على بسط السيطرة على العالم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"