عادي
«شركات الشيكات الفارغة»

هل تسحب «SPACs» البساط من تحت الإدراجات التقليدية؟

01:49 صباحا
قراءة 7 دقائق
وول ستريت

إعداد: هشام مدخنة

يمكن تلخيص الاتجاه الأكثر سخونة في وول ستريت هذا العام بكلمة واحدة غريبة وغير مألوفة: هي «سباك» SPAC، أو شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، ويطلق عليها أيضاً اسم «شركات الشيكات الفارغة».
قال عنها روجر لي من شركة «باتري فينتشرز» الاستثمارية: «اعتادت SPACs أن تكون كلمة هامشية مكونة من أربعة أحرف في وادي السيليكون». لكن اليوم ووفقاً لجيف كرو من «نورويست فينتشر بارتنرز»، فإن مجلس إدارة أي شركة ناشئة رفيعة المستوى يرى أن «شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة»، أو «سباك»، هي الطريقة المشروعة والأنسب للاكتتاب العام». وفي نظر المؤسس المشارك لشركة «لوكس كبيتال» بيتر هيبرت، فإن SPACs تسرق من رزنامة الاكتتاب العام الأولي وتضيف إلى خزينتها لعام 2021».
قال هيبرت، الذي أسس شركة «سباك» خاصة أسماها «لوكس هيلث» في أكتوبر/ تشرين الأول وتستهدف أعمال التكنولوجيا الصحية: «لقد شجعنا شركاتنا عالية الجودة على التفكير بجدية في هذا الأمر». والأغلبية العظمى من الشركات التي تبحث عن طرح عام تقليدي هـــي شركات «سباك» ذات التتبع المزدوج. 
تم طرح شركة «ديسكتوب ميتال» للطباعة ثلاثية الأبعاد للاكتتاب العام ضمن محفظة «لوكس» من خلال شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة في ديسمبر/ كانون الأول. وأعلنت شركات أخرى مثل شركات البرمجيات العقارية «لاتيك»، و«ماتربورت» عن صفقات هذا العام مع ما تسمى بشركات الشيكات الفارغة، أو الـ«سباك».

مستقبل واعد

الصورة
سباك

يُذكّرنا الانفجار المفاجئ لشركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة «SPACs» اليوم بفقاعة الإنترنت في أواخر التسعينات. وبالنسبة إلى المتشككين في «وول ستريت»، يبدو أن هذه الشركات هي أحدث مخطط لكسب المال من المضاربين في بيئة أسعار فائدة منخفضة مع وصول السوق إلى ذروته ورغبة المستثمرين في كل الاستثمارات التقنية.
وجمعت الـ«SPACs» أكثر من 44 مليار دولار حتى الآن هذا العام مقابل 144 صفقة، ووفقاً لـ«سباك إنسايدر»، يساوي هذا أكثر من نصف الأموال التي تم جمعها في عام 2020 بأكمله، والذي كان بحد ذاته عاماً قياسياً.
وعلى الرغم من وجود جنون لا يمكن إنكاره في طفرة الـ«سباك»، إلا أن هناك قصة أخرى تحدث بشكل متوازٍ. حيث تتجنب شركات التكنولوجيا المدعومة من أصحاب رأس المال الاستثماري، والتي تتمتع بآفاق نمو عالية عملية الاكتتاب العام، التي لها عيوبها الخاصة. وبدلاً من ذلك، فهم يشعرون بالارتياح مع فكرة الوصول إلى السوق بطريقة لم يكن من الممكن فهمها قبل عام واحد فقط.
وتعمل هذه المؤسسات من خلال جمع أموال من المستثمرين عبر طرح عام أولي لبيع حصص ملكية وضمانات مقابل 10 دولارات عادة، وبعدها يكون لديها أربعة وعشرون شهراً في الأغلب، لتحديد وتنفيذ عملية الاستحواذ المحتملة. وبمجرد اكتمال عملية استحواذ شركات الأغراض الخاصة على المؤسسة المستهدفة، فإن هذا الهـــدف يتحــول لشركـــة عامــة مقيدة في البورصة مقابل حصة كبيرة من الأسهــم. ويحصــل مستثمرو SPAC على أسهم في الشركة المستحوذ عليها، والتي تصبح الكيان العام من خلال ما يعرف باسم de-SPAC.
وتقدم شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة للشركات توقعات استشرافية للشركة المستحوذ عليها، وهو ما لا تفعله الشركات عادة في نشرات الاكتتاب العام بسبب مخاطر المسؤولية. كما أنها عملية أسرع بكثير من الاكتتابات العامة التي تأخذ عدة أشهر مع المصرفيين والمحامين لصياغة نشرة الاكتتاب وتثقيف السوق وتنفيذ حملة ترويجية للمستثمرين المؤسسيين.

نظرة تقدمية 

وقالت بيتسي كوهين، التي أدارت شركـــة الاستحـــــواذ ذات الأغراض الخاصة «آي إن إس يو كورب» والتي استحوذت على شركة «ميترومايل» للتأمين على السيارات: «يمكن أن أسمي الاكتتاب العام نظرة رجعية، ونظراً لأن SPAC هي عملية اندماج من الناحية الفنية، فأنت مطالب بإخبار المستثمرين بالشكل الذي ستبدو عليه الشركات المندمجة والمضي قدماً في المشروع». وتم تداول سهم «ميترومايل» عند 17.23 دولار، ما أعطى الشركة تقييماً بأكثر من ملياري دولار بناء على عدد الأسهم المخفف بالكامل.
وتوقعت «ميترومايل» في ملف الاندماج زيادة إيرادات التأمين بنسبة 39% لتصل إلى 142 مليون دولار في عام 2021، وبنسبة 81% في عام 2022 وأكثر من 100% في عام 2023. وسيرتفع إجمالي الربح المعدل من 11.1 مليون دولار العام الماضي إلى 144 مليون دولار في عام 2023.
ودخلت أسماء كبيرة لهذا المجال وأضفت المصداقية على شركات الـ«سباك» مثل الملياردير مارك كوبان، والمستثمر الأمريكي الشهير بيل أكمان، وشامات باليهابيتيا، إضافة إلى شركات الأسهم الخاصة مثل «أبولو جلوبال»، و«سولامير كابيتال»، و«تي بي جي كابيتال»، وغيرها الكثير.
إلى ذلك، قالت شركة الإقراض عبر الإنترنت «إس أو إف آي» SoFi، إنها ستطرح للاكتتاب العام من خلال شركة «سباك» يديرها باليهابيتيا في صفقة قدرت قيمة الشركة بمبلغ 8.65 مليار دولار. وفي اتفاقية الاندماج، تتوقع SoFi إيرادات سنوية تبلغ 980 مليون دولار هذا العام، وصولاً إلى 3.7 مليار دولار خلال 5 سنوات. في حين أن أرباح المساهمة ستتضاعف أكثر من خمس مرات خلال هذا الامتداد إلى 1.5 مليار دولار.
وفي عمليات استحواذ أخرى لشركات الـ«سباك»، قاد باليهابيتيا، مدير تنفيذي سابق في «فيسبوك»، والذي يقف وراء شركتي «سباكس»، عملية الاندماج العكسي لشركة العقارات الرقمية «أوبن دور»، والتي تم طرحها للاكتتاب العام الماضي وتبلغ قيمتها الآن أكثر من 20 مليار دولار. وفعل الشيء نفسه مع شركة التأمين الصحي «كلوفر هيلث».

مخاوف وعلامات استفهام تحيط بشركات الـ«سباك» 

الصورة
وول ستريت

ولم تعد الأمور مفهومة وواضحة في سوق «سباك» المزدحم في ظل تسارع الشركات لإنجاز صفقاتها ضمن مساحة ضيقة بشكل متزايد. حيث تسعى أكثر من 370 شركة استحواذ أمريكية ذات أغراض خاصة «SPAC» برأسمال يزيد على 118 مليار دولار إلى إجراء تطابق، ووفقاً لبيانات من «سباك ريسيرش»، فإن ما يقرب من 60 من هذه الشركات قد حددت أهداف الاندماج في فبراير/شباط وحده.
وقال روس مايفيلد، محلل استراتيجية الاستثمار في بيرد، «تطرح سباك الشركات ذات الجودة المنخفضة للعموم، ويصطدمون بقدرة الشركات ذات الجودة المعقولة خاصة في القطاعات ذات الشعبية».
في مواجهة المنافسة الشديدة، وضغوط الموعد النهائي والسوق المتقلب، كان على بعض شركات «سباك» أن تستقر على أهداف أقل مثالية، وفي بعض الحالات، تستغني عن مخططها بالكامل. وقد بدأ الارتفاع الملتهب في أسهم الشركات ذات الأغراض الخاصة في التقلص، حيث يتدافع المساهمون لاسترداد القيمة عندما تتحول الصفقات إلى خيبة للآمال.
فقد انخفض مؤشر «سي إن بي سي سباك 50» المملوك، والذي يتتبع أكبر 50 صفقة «سباك» (قبل الاندماج) في الولايات المتحدة من حيث القيمة السوقية، بأكثر من 15% في الأسبوعين الأولين في فبراير، ما أدى إلى القضاء على جميع مكاسبه في عام 2021. وانخفض المؤشر لما (بعد الاندماج)، بمقدار مماثل وهو الآن منخفض بنسبة 10% على مدار العام.

صفقات معلقة

في شهر يناير /كانون الثاني الماضي، أعلنت شركة الـ «سباك» «ليجر أكوزشن كورب»، عن صفقة بقيمة 200 مليون دولار مع شركة «إنسيس بيوسينسيز»، وهي شركة أدوية بيولوجية تحارب الجرعات الزائدة من الأدوية. وقامت شركة «ستابل رود أكوزشن كورب»، وهي شركة «سباك» للقنب، بدور محوري رئيسي وأبرمت صفقة مع شركة الفضاء «مومنتوس».
وأثارت بعض الإصدارات الجديدة مؤخراً الدهشة في وول ستريت. ففي يناير الماضي، جمعت شركة «سباك» اسمها «Just Another Acquisition Corp» حوالي 60 مليون دولار لصفقة في قطاع غير محدد. وتستهدف أيضاً شركة «Do It Again» ومقرها ولاية ديلاوير، المطاعم والعلامات التجارية للبيع بالتجزئة.
في حين أن حالة واحدة أو حالتين لا تشكل اتجاهاً، إلا أنها أثارت مخاوف من أن جودة شركات الـ «سباك» يمكن أن تتدهور في المستقبل نظراً للعدد الهائل من الصفقات المعلقة. وقالت سيلفيا جابلونسكي، كبيرة مسؤولي الاستثمار في Defiance ETFs، «إذا مر الوقت ولم يستحوذوا على واحدة، فهناك فرصة أن تقوم شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة بعمليات اندماج سيئة لتعويض الوقت والطاقة التي تم بذلها.

القذائف الفارغة

بدأت صفقات شركات الـ«سباك» في التراجع، وهي التي بدت يوماً وكأنها ترتفع فقط، وذلك مع فشل المزيد من عمليات الاستحواذ التي اختارتها هذه الشركات نفسها. وتميل مناطق المضاربة في السوق أيضاً إلى أن تتضرر بشدة مع ازدياد تقلبات السوق وارتفاع أسعار الفائدة.
وتجمع شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، رأس المال من طرح عام أولي وتستخدمه للاندماج مع شركة خاصة وتطرحها للعموم في غضون عامين. وعليه يتزاحم المستثمرون المتحمسون لتداول أسهم القذائف الفارغة للشركات على أمل أن تضرب أرقاماً قياسية.
يتم تداول بعض الصفقات رفيعة المستوى بأكثر من 40% من سعر الاكتتاب العام الأولي الخاص بها، بما في ذلك شركة بيرشينج سكوير كابيتال مانجمنت بـ 4 مليارات دولار، والتي يترأسها المستثمر الأمريكي بيل أكمان، بالإضافة لشركتي سباك يملكهما الملياردير والمستثمر شاماث باليهابيتيا.
ينجذب بعض الأشخاص عندما يسمعون أن شركات الـ«سباك» خالية من المخاطر لأنهم ببساطة قادرون على استرداد أموالهم منذ البداية في حال لم تعجبهم الصفقة، لكنهم لا يدركون أن ذلك قد لا ينجح. فالأمر يعتمد حقاً على المكان الذي تستثمر فيه في دورة حياة شركة الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة».

إصدار غير مستدام

ووفقاً لبيانات «سباك ريسيرش»، فإنه لا توجد دلائل حتى الآن على تباطؤ إصدارات شركات الـ «سباك». فالأموال التي تم جمعها في أول شهرين من عام 2021 تنافس بالفعل رأس المال على مدار عام 2020 كاملاً، 68.5 مليار دولار حتى الآن خلال عام 2021، مقابل 83.4 مليار دولار في العام الماضي.
وقال ديفيد كوستين، رئيس استراتيجية الأسهم الأمريكية في «جولدمان ساكس»: «من المرجح أن تكون الوتيرة الحادة للإصدار غير مستدامة، ويمكن أن تولد شركات سباك أكثر من 700 مليار دولار في نشاط الاستحواذ في العامين المقبلين».
بالمقابل قال جوستين ليناركيتش، كبير محللي الاستثمار البديل العالمي في «ويلز فارجو»: «يمكن أن يزداد عنصر الخوف من حالات الضياع هنا. وأعتقد أنك بحاجة إلى توخي الحذر وفهم أنه بالتأكيد ليست جميع شركات سباك على قدم المساواة، وبالتالي لن تنجح جميع الصفقات».


 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"