عادي

محتالو العواطف

22:57 مساء
قراءة 3 دقائق
محكمة
محكمة

كتب: محمد الماحي 
تحفل ساحات المحاكم وحياة الأطراف التي تلتقي فيها بقصص تعكس في جانب منها الصراعات القديمة المتجددة بين الخير والشر، بين الطمع والقناعة، بين نفوس ترتوي بظلم الآخرين وأخرى تنفق شهوراً، وربما العمر كاملاً، بحثاً عن حق. في تفاصيل هذه الصراعات تحاول العدالة ما استطاعت أن تكون صاحبة الكلمة العليا لتستقيم الدنيا، وفي ثنايا المواجهات بين الأطراف المتخاصمة تتدفق المفاجآت والعبر.
تُعرف السرقة على أنها ملك غير شرعي لأشياء لم تكن من نصيبك، وقد لا يتوقف هذا التعريف على أخذ الأموال، فهناك من يسرق القلوب ويحتال على العواطف، وهذه السرقة أقسى الجرائم، وعقوبتها العذاب الشاق.
ظهرت في ساحات المحاكم قضايا جديدة تقوم برفعها فتيات ضد شباب محتالين أوهموهن بالحب، واستمروا في العلاقة بهن لسنوات، لكنهم غادروا العلاقة واختفوا وأصبحت الفتيات بلا حب وبلا زواج بعد أن احتال عليهن الشباب واخذو منهن الأموال والهدايا الثمينة، وبالتالي لم تجد هؤلاء «المخدوعات» ملجأ سوى القضاء العادل، ويطالبن في دعاواهن بمعاقبة من أوهموهن بالزواج وغرضهم المال،
ومن بين هذه القضايا قضية شاب ظل يرسم لضحيته أحلاماً وردية، وينسج لها القصص الخيالية واحدةً تلو الأخرى حتى تقع في «الفخ» وبعدها يتبخر الحلم، وتبقى مُعلّقة بين الكتمان خوفاً من الفضيحة أو مقاضاته لتسترد حقها، خصوصاً إذا كان هذا «الفخ» قد جنى منه صاحبه مالاً كثيراً، لكن الفتاة اختارت الثانية ورفعت دعوى قضائية تطالب فيها بإلزام شاب وعدها بالزواج برد مبلغ 450 ألف درهم كان قد اقترضه منها.
أفادت الفتاة بأن الشاب قد حصل على المبالغ بعد أن أوهمها بأنه يريد تأسيس بيت الزوجية، وعليه أجرت عدداً من التحويلات البنكية لحسابه كما سلمته مبالغ أخرى نقداً.
من جانبها أوضحت محكمة الاستئناف أن دفع الشاكية بشأن إقرار الشاب بتحويلها لحسابه مبلغ 78 ألف و200 درهم، يعد دفعاً سديداً، حيث أثبتت المستأنفة عن طريق كشوفات الحساب تحويلها مبالغ مالية متعددة لحسابه والذي لم ينكر بدوره طوال أشواط النزاع هذه التحويلات، كما أنه لم ينكر دخولها حسابه البنكي.
وعلية قضت المحكمة بإلزام الشاب برد مبلغ وقدره 78 ألف و200 درهم.
الذي حدث أن الشابة (ع د) 29 عاماً، أصرت على الارتباط بشاب من غير جنسيتها ومن دون رضا أهلها، حيث أقنعها بحياة ملؤها الحب والسعادة، إضافة إلى توفير مقومات العيش الكريم، وقبل الزواج حرص الشاب الثلاثيني على إقناعها بشراء شقة صغيرة وتسجيلها باسمه ليثبت لأهلها بأنه يمتلك مالاً وقادر على إسعاد ابنتهم وجلب كل ما تحتاجه، وفعلت هي ذلك بدافع الحب الذي لا تريد أن تخسره ولا تستطيع من وجهة نظرها أن تعيش من دونه !
بعد مرور 8 أشهر من الزواج أخبرها برغبته في بيع الشقة والسفر للعمل في إحدى الدول الأوروبية، وعندما طالبته بإرجاع الشقة التي اشترتها بمالها الخاص واجهها بأنه ليس لها أي حق خاصة بعد تسجيلها الشقة باسمه وهي في كامل قواها العقلية، لتنتهي علاقة الزواج بينهما، وتعود «ع د» وهي عشرينية مطلقة إلى منزل والدها.
وفي واقعة أخرى قضت محكمة الجنايات في الفجيرة بغرامة 5000 درهم بحق شاب عربي متهم بالاستيلاء على 150 ألف درهم من امرأة خليجية، بعد أن وعدها بالزواج وتجهيز مسكن الزوجية، وأوهمها بشراء شقة لها في إمارة دبي، ثم اختفى فجأة وقطع الاتصال بها بعد الاستيلاء على المبلغ، وتقدمت المرأة بشكوى بحق المخادع الهارب ونجحت الشرطة في القبض على المتهم. 
أفادت المحكمة في حيثيات الحكم بأن المتهم اعترف بالتهمة المسندة إليه في تحقيقات النيابة العامة، واقر بأنه تسلم من الشاكية مبلغ 150 ألف درهم، ولكون الاعتراف سيد الأدلة في ظل صدوره من دون ضغط أو إكراه، فإن المحكمة رأت إدانته لاطمئنانها إلى صحة أقواله، كما أنها مطمئنة إلى صحة الدليل المقدم ضده، وحكمت عليه حضورياً بالغرامة 5000 درهم عن التهمة المسندة إليه، فيما قرر دفاع المتهم الطعن ضد الحكم.
ومهما اختلفت أساليب الاحتيال على المرأة، تبقى خاتمتها دائمة مشتركة وهي حلم يراود كل فتاة تبحث عن الاستقرار وإكمال حياتها مع الشريك الآخر الذي تختاره لتقاسمه أفراحها وأحزانها، حيث تلقي تداعيات تأخر سن الزواج بظلالها على شابات عازبات يقعن في شباك «ذئاب» تتلاعب بمشاعر المرأة تحت راية الارتباط، لكن الهدف محدد ومبيت، فوعود الزواج باتت طريقاً سهلاً لجمع الثروة وتحصيل ما لم يقو على الشاب المخادع على تحقيقه بمفرده، والنتيجة هي جروح وآلام في القلب وخسائر مالية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"