عادي
أشهر الخطب

واعلموا أنكم في رباط

00:21 صباحا
قراءة دقيقتين
رمضان

اشتهر عمرو بن العاص، رضي الله عنه، بفصاحة لسانه، وله رصيد من الخطب منها ما رصده عبد السلام العشرى فى كتابه «مشاهير العرب».
وكان الفاروق يرى فى فصاحة عمرو بن العاص آية على قدرة الله، فكان إذا رأى رجلاً يتلجلج قال: آمنت بالله، إن خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد.
وها هي خطبة يسردها عباس محمود العقاد في ما كتب عن عمرو بن العاص بمصر وتأتي السير بأكثر من نص لها، أحدها ورد عن بحير بن داخر المعافري قال فيه «ركبت أنا ووالدي إلى صلاة الجمعة وذلك آخر الشتاء، فأطلنا الركوع إذ أقبل رجال بأيديهم السياط يؤخرون الناس فذعرت فقلت: يا أبتِ من هؤلاء؟ قال: يا بني هؤلاء الشرط. وأقام المؤذنون الصلاة فقام عمرو بن العاص على المنبر فرأيت رجلاً قصير القامة أدعج أبلج عليه ثياب موشاة كأن بها العقيقين تأتلق عليه وعليه عمامة وجبة فحمد الله وأثنى عليه حمداً موجزاً وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم، ووعظ الناس فأمرهم ونهاهم فسمعته يحض على الزكاة وصلة الرحم ويأمر بالاقتصاد وينهى عن الفضول وكثرة العيال وقال في ذلك «يا معشر الناس إياي وخلالاً أربعاً فإنها تدعو إلى النصب بعد الراحة وإلى الضيق بعد السعة وإلى الذلة بعد العز، إياي وكثرة العيال وانخفاض الحال وتضييع المال والقيل بعد القال في غير درك ولا نوال ثم إنه لا بد من فراغ يؤول الأمر إليه في توديع جسمه والتدبير لشأنه وتخليته بين نفسه وبين شهواتها فمن صار إلى ذلك فليأخذ بالقصد والنصيب الأقل ولا يضيع المرء في فراغه نصيب نفسه من العلم فيكون من الخير عاطلاً وعن حلال الله وحرامه عادلاً.
يا معشر الناس إنه قد تدلت الجوزاء وركبت الشعرى وأقلعت السماء وارتفع الوباء وطاب المرعى، ووضعت الحوامل ودرجت السمائم وعلى الراعي حسن النظر فحيي بكم على بركة الله على ريفكم فنالوا من خيره ولبنه وخرافه، وصيده وأربعوا بخيلكم وأسمنوها وصونوها وأكرموها فإنها حياتكم من عدوكم وبها تنالوا مغانمكم وأثقالكم واستوصوا بمن جاورتم من القبط خيراً وإياي والمشمومات المفسدات فإنهن يفسدن الدين ويقصرن الهمم.
واعلموا أنكم في رباط إلى يوم القيامة لكثرة الأعداء حولكم ولإشراف قلوبكم إليكم وإلى داركم معدن الزرع والمال والخير الواسع والبركة التامة. حدثني عمر أمير المؤمنين أنه سمع رسول الله، يقول: إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جنداً كثيفاً فذلك الجند خير أجناد الأرض فقال له أبو بكر: ولم ذاك يا رسول الله قال لأنهم في رباط إلى يوم القيامة».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"