قمة المرحلة الجديدة

00:31 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

شد الاجتماع الذي عقد بين زعيمي أكبر دولتين في العالم، الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في جنيف السويسرية، أنظار العالم، حيث كان لقاؤهما الذي تم التحضير له على مدى أسابيع، ذا أهمية بالغة، وله بعد استراتيجي، إذ إنه الأول بين الرئيسين منذ تولي بايدن سدة الرئاسة، ويأتي في سياقات من التوتر بين البلدين على ملفات عدة، هي الأشد منذ الحرب العالمية الثانية.

 الرئيسان في اجتماعهما قصدا تخفيف نبرة التصعيد، والاتسام بالهدوء، والتعامل مع هذا اللقاء التاريخي على أنه فرصة لحل جزء من الملفات العالقة، وتبريد الأجواء وتهيئتها لمزيد من الحوارات المستقبلية التي قد تفضي إلى حلول مرضية -بالحد الأدنى- للطرفين، على أمل أن تكون المنافسة بينهما في إطار محدد بخطوط حمر لا يتم تجاوزها، حتى لا تنجرف الأمور إلى ما هو أسوأ.

 الاجتماع تطرق إلى ملف أوكرانيا الساخن، فبينما ترفض روسيا اقتراب حلف «الناتو» من هذا الملف، أو دعم كييف وضمها للحلف، فإن أمريكا لا تزال ترى أن موسكو تشن العدوان تلو الآخر على هذا البلد، وترفض قطعياً المساس به، فضلاً عن مناقشة موضوع الطرد المتبادل للدبلوماسيين، وقضية المعارض الروسي أليكسي نافالني، والهجمات السيبرانية التي تتهم أمريكا روسيا بتنفيذها، وملفي إيران وسوريا.

 ورغم مديح بعضهما، إلا أن اجتماعهما لم يكن مسالماً عند حدود معينة، فبايدن حذر نظيره من «عواقب مدمرة على روسيا» في حال وفاة نافالني، مؤكداً أن واشنطن «سترد بالمثل على أي أعمال تضر مصالحها أو مصالح شركائها»، كما أبلغ بوتين بأن «المسألة ليست ملاحقة روسيا، ولكننا نتحدث عن مبادئنا في الدفاع عن الحريات»، ولم يتجنب الرئيس الأمريكي استخدام مصطلحات قاسية، فقد قال إن نظيره الروسي أجرى مقارنة خاطئة و«سخيفة» بين هجوم «مجرمين» على مبنى «الكابيتول» والتظاهرات السلمية في روسيا لأناس حرموا من حرية التعبير، لكن بايدن طمأن بوتين، عندما قال إن الرئيس الروسي «قلق من أننا سنحاول الإطاحة به»، مبيناً أنه «ليس من مصلحة أحد الدخول في حرب باردة».

لكن هذه القمة اتسمت بالسرعة وأخذت وقتاً أقصر من المخطط له، وهو سبب أرجعه بايدن إلى أن الحوار كان مباشراً على الطاولة، ولم تكن هناك حاجة إلى المزيد من الوقت، وهذا مؤشر إيجابي، حيث إن لغة المواربة كانت بعيدة عن اللقاء الذي اتسم بالصراحة، وهذا ما أكده بوتين عندما وصف اللقاء بأنه بنّاء وخال من اللهجة العدائية.

 القمة أيضاً خرجت بنتائج مهمة من خلال تمديد معاهدة «نيو ستارت» والالتزام بالحد من الأسلحة النووية وإعادة السفراء، وتأكيدهما أنه «لا فائز في حرب نووية بل يجب ألا تحدث (هذه الحرب) أبداً»، بل اتفقا أيضاً على بدء حوار للحد من الأسلحة.

 ورغم كيل الاتهامات السابقة بين الرئيسين، إلا أن اللقاء ربما يؤسس لمرحلة جديدة يسودها التفاهم، وتكون مقدمة لحل المشكلات العالقة التي إن بقيت على حالها فإنها تمثل تهديداً كبيراً للعالم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"