عادي
والداه قدما إلى دبي قبل 62 عاماً

صني فاركي: «جيمس».. من مدرسة إلى أكبر مجموعة تعليمية في الإمارات

01:19 صباحا
قراءة 6 دقائق
1
خريجون من مدرستنا الإنجليزية
صورة لمدرستنا الإنجليزية أولى مدارس مجموعة جيمس
مدرسة جيمس

حوار: محمد إبراهيم
الإمارات وطن النجاح.. جملة بسيطة، تتكون من مبتدأ وخبر، الأول يستقر في الروح والثاني يخاطب العقل، فقصص النجاح التي ولدت على أرض الإمارات الطيبة، أكثر من أن تحصى، ففي بلاد «زايد الخير» نسج الكثير من المقيمين خيوط حياتهم، قدموا إليها إما مستثمرين صغاراً، أو موظفين بعقود محددة، فأحسنوا إدارة أموالهم وأفكارهم، فحلقوا بمشاريعهم ونجاحاتهم في سماء العالمية.
في هذا «الملف» الذي يُنشر على حلقات تفتح «الخليج» قلبها وتصغي بشغف إلى حكايات وافدين، اختاروا الإمارات وجهة لكي يحققوا ذواتهم، ويحلقوا بأحلامهم، فوجدوا وطناً دافئاً ديدنه التسامح والتعايش، يستقبلهم بابتسامة مرحبة، ويهديهم الأمل ويمنحهم السعادة، وأحاطهم بالأمن والعدل وسيادة القانون، ووفر لهم البيئة الخصبة والفرص والمزايا للجميع دون استثناء، فأسسوا مشاريعهم وتمددت نشاطاتهم في مختلف أرجاء العالم، ولكن الأهم أنهم عثروا على كنزهم الخاص: الإمارات.
في كل حلقة سنسرد قصة نجاح، ونرحل مع صاحبها منذ أن وجّه بوصلته إلى بلادنا الغالية، حيث جميعهم بلا استثناء يردّون الفضل فيما وصلوا إليه، إلى هذا الوطن المعطاء، وقيادته التي فتحت أذرعها، واحتضنتهم، ملف يروي قصص ناجحين، لكننا في الحقيقة نروي حكاية وطن لا يعرف إلاّ النجاح.

التعليم يعدّ أبرز أعمدة نهضة الدول وازدهار المجتمعات، والمدارس تعدّ مصانع الأجيال، ويؤدي المعلم دور «المايسترو» في منظومة التعليم، والنهضة «ملف» يدار بمعرفته، ورفعة الأوطان تكمن في «التعليم والمعلم وصناعة الأجيال».

مجموعة «جيمس التعليمية»، جزء أصيل في منظومة التعليم الخاص في الإمارات، وعلامة فارقة في ميادين العلم في مختلف بلدان العالم؛ إذ بدأت من دبي ب«مدرستنا الثانوية الإنجليزية»، واستمرت على مدار 62 عاماً تقدم تعليماً راقياً، لتصبح الآن من أكبر مزوّدي التعليم عالمياً وعربياً، وتضم 43 مدرسة، تحتضن أكثر من 120 ألف طالب وطالبة يدرسون في الدولة، ويتلقون تعليمهم على يد أكثر من 7 آلاف معلم ومعلمة.

صني فاركي، رئيس مجلس الإدارة ومؤسس المجموعة أحد رواد الأعمال في الإمارات، نموذج حقيق للريادة في التعليم، تتلمذ على يد والدته مارياما فاركي التي قضت حياتها بين أروقة العلم، وميادين التعليم معلّمة وصانعة للأجيال، فأدرك أهمية دور التعليم في نهضة المجتمعات، وأيقن قيمة المعلم، وقدرته على رسم ملامح المستقبل، وتمهيد الطريق أمام الأجيال، فأصبح قائداً لأكبر مجموعة تعليمية تشهدها ميادين العلم.

ولكن ما تفاصيل قصة نجاح صني فاركي؟ وما أسرار نشأة أكبر مجموعة تعليمية في الإمارات؟ وكيف بدأت بمدرسة في دبي، وأصبحت ضمن قائمة «الكبار»، في التعليم في العالم؟ هذا ما تكشف عنه سطور الحوار التالي، الذي يأخذنا إلى محطات مهمة في هذه المسيرة.

يقول صني فاركي، في حواره مع «الخليج»، إن البداية كانت منذ 62 عاماً، عندما انتقلت والدتي وأبي من ولاية كيرالا في الهند إلى دبي، تحديداًعام 1959، حيث أسّسا «مدرستنا الثانوية الإنجليزية»، أول مدارس المجموعة عام 1968، وجاء ذلك من إيمانهما الراسخ بقدرة التعليم على تغيير حياة الأجيال والشعوب.

وشهدت «جيمس للتعليم» خلال عقدي «الثمانينات والتسعينات»، نمواً كبيراً وملحوظاً، في التوسعات وزيادة عدد مدارس المجموعة التي بلغ عددها حالياً 43 مدرسة في مختلف إمارات الدولة، ويسعدني اليوم أن أقول إننا نقدم تعليماً راقياً صمم على أحدث الطرز العالمية لأكثر من 120 ألف طالب وطالبة على مستوى، وبدعم من أكثر من 7 آلاف معلم ومعلمة.

وفي حديثه عن القيم والمبادئ التي تستند إليها المجموعة على مر السنوات، أكد فاركي أن هناك خمسة مرتكزات نستند إليها في عملية إعداد أجيال المستقبل، تضم: «الرقي والعناية والرعاية والاحترام والعقل المنفتح»؛ لدعمهم في مواجهة التحديات المستقبلية، ونعتقد أن طلاب اليوم سيجعلون هذا العالم مكاناً أفضل قادة وصناع تغيير، كلٌّ في مكانه، ولا يمكن أن يكون هناك عمل أكثر أهمية من منحهم الأسس لمستقبلهم بالتعليم المدعوم، بهذه القيم الأساسية والصلبة.

حاجة الأطفال

وفي حديثه عن والدته مارياما فاركي، قال إنها كانت معلّمة طوال حياتها، دافعها الدائم هو الإيمان بحاجة الأطفال للازدهار والتشجيع والتحفيز، وكان التسامح واحترام الآخرين أهم درسين، علّمتهما لطلابها ومَن حولها. وبعد وفاتها في وقتٍ سابق من العام الحالي، زاد دافعي للمساعدة على إظهار الاحترام والتكريم اللائق بالمعلمين.

وقال: «هنا جاءت فكرة جائزة فاركي لأفضل معلم في العالم، وقدرها مليون دولار؛ حيث تقدم سنوياً إلى معلم استثنائي، له مساهمة بارزة في مهنته، وشهدت 5 آلاف مشاركة، من 127 دولة في دورتها الأولى عام 2015، واكتسبت اهتماماً مجتمعياً وإعلامياً كبيرين في العالم.

قوة الجائزة

جائزة المعلم العالمية تمنحها مؤسسة فاركي تحت رعاية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وازدادت قوة الجائزة عاماً بعد الآخر، لاسيما أن دورة 2018 تقدم لها أكثر من 30 ألف طلب وترشيح.

وفي رده على سؤال عن تخصيص مؤسسة فاركي جائزة للمعلمين دون الفئات الأخرى في الميدان التربوي، أكد أن المعلمين يعملون بلا كلل لتوفير تعليم للأطفال في العالم؛ لذا فإن وضعهم مهم للغاية لمستقبلنا العالمي، وضع المعلم له تأثير كبير في التوظيف، والاحتفاظ، والرضا الوظيفي والأداء، وجائزة المعلم العالمية أحدثت فرقاً حقيقياً في هذه المهنة، وكان لها تأثير إيجابي للغاية في المستويات كافة «العالمية والإقليمية والشعبية».

وأكد أن شغف المعلمين صانعي التغيير، سبب رئيس في أن نكون أكبر مزود للتعليم، ليس في الدولة فقط، بل والمنطقة، وواحدة من أكبر المجموعات عالمياً، ومن دواعي الفخر والسرور أن أكون جزءاً من هذا الفريق الناجح.

تقارير عالمية

وعن استجابة وتفاعل المجتمع الدولي مع فكرة الجائزة، أكد فاركي أن التقارير في جميع أنحاء العالم سجلت اهتماماً كبيراً من جميع الدول؛ إذ جاءت مساندة بشكل كبير للمعلمين المختارين، في حين ضمت الجائزة مجموعة من الشخصيات البارزة عالمياً التي دعمت مسيرتها والمتنافسين فيها، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر، بيل جيتس، وبيل كلينتون، وتوني بلير.

وفي رده على سؤال عن اختيار مجال التعليم للاستثمار، أفاد فاركي بأن التعليم رسالة سامية ومسؤولية مجتمعية تقع على عاتق الجميع، لاسيما أن عدم كفاية التعليم عامل رئيس وراء القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والصحية التي يواجهها العالم اليوم؛ فالتعليم لديه القدرة على الحد من الفقر والتحيز والنزاع.

حديث عن الإمارات

وفي حديثه عن الإمارات، أكد صني فاركي أن المجموعة اليوم، تعدّ من أضخم المؤسسات التعليمية في العالم، بفضل دعم قيادة الإمارات التي جعلت بناء أجيال المستقبل على رأس أولوياتها، وقد حصلنا على الدعم الضروري في هذه المهمة المشتركة من قيادة دولة الإمارات، ووزارة التربية والتعليم، والهيئات التعليمية المحلية في كل إمارة.

وقدمت لنا الإمارات الحبيبة، الدعم الكبير، لنصبح أكبر مزود تعليمي بأعلى المستويات العالمية في الدولة، ولجميع الجنسيات على أرضها الطيبة. وهذا تأكيد وضمان بأن دولة الإمارات لديها المقومات والقوة العاملة الماهرة والمتعلمة والمؤهلة، التي وضعتها على قمة التنافسية العالمية، وقدرتها للوصول إلى المراتب الأولى في شتى المجالات والقطاعات، وبناء اقتصادها الوطني المتين.

ويستمر العمل العظيم لقادة الدولة اليوم والذي يظهر في العمل الدؤوب لمؤسساتها وجهاتها الحكومية والخاصة، عبر التأمين على الصحة والسلامة العامة لجميع أفراد المجتمع مواطنين ومقيمين صغاراً وكباراً. أما نحن فمستمرون في العمل الدائم لتطوير جميع مجتمعاتنا المدرسية، عبر رؤية قيادة الدولة الرشيدة، من إيماننا بأن لكل طفل فريد ومميّز الحق في الحصول على تعليم جيد وبأعلى المعايير.

تحديات غير مسبوقة

وفي حديثه عن التحديات، قال فاركي: إن العالم يواجه اليوم تحديات غير مسبوقة، بعضها ظهر بدون مقدمات، كما هي حال الجائحة، وبعضها يخيّم على العالم لعقود، مثل التغير المناخي والصراعات وعدم المساواة، وكل هذه التحدّيات تجعلنا بحاجة إلى المعلمين كي يسلّحوا الأجيال المقبلة بالتعليم اللازم.

لم يسبق أن كان العالم بهذا القدر من الحاجة للمعرفة العميقة، بدلاً من الخيارات الآنية، وللتفكير العقلاني، بدلاً من ردود الفعل السريعة، والتقييمات القائمة على أسس متينة، بدلاً من الأحكام العاطفية، والصوت الهادئ والواضح الوحيد الذي نحتاج إلى سماعه اليوم، رغم كل التشويش هو صوت المعلمين.

وعن نظرته للمستقبل في قطاع التعليم، يرى صني فاركي، أنه في ظل التطور الكبير الذي نشهده في التكنولوجيا وعلوم الأعصاب وطرق تبادل الأفكار، سيشهد التعليم في السنوات الخمسين المقبلة، تغييراتٍ تزيد على ما شهده في آخر ألف عام، وفضلاً عن هذه التغييرات الجذرية، تضطر الأنظمة التعليمية للتأقلم مع الجوائح على شاكلة «كوفيد- 19».

3 رسائل شكر

قدم صني فاركي، خلال الحوار، ثلاث رسائل شكر: الأولى لقادة دولة الإمارات على الدعم غير المحدود للتعليم والاستثمارات العاملة في هذا المجال، والثانية للهيئات والجهات التعليمية المعنية في الدولة، لما قدموه من دعم طوال رحلة المجموعة المستمرة منذ 62 عاماً، والثالثة كانت للمعلمين، لاسيما العاملين في مجموعة جيمس، بجدّ وإخلاص، لإبقاء منابر العلم في مضيئة تعمل بلا توقف، منذ بداية مسيرة المجموعة وحتى الآن، وفي الجائحة التي عاني منها العالم أجمع، ظلت المدارس مفتوحة أيضاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"