عادي
آخر المفكرين الموسوعيين

حسن حنفي.. رائد «التراث والتجديد»

22:59 مساء
قراءة 3 دقائق
د. حسن حنفي

القاهرة: «الخليج»

يُعد المفكر وأستاذ الفلسفة الراحل الدكتور حسن حنفي، الذي توفي أمس الأول الخميس، أحد أهم المفكرين العرب المعاصرين، وأبرز أساتذة الفلسفة في مصر والمنطقة العربية، وهو ما يتجلى في العديد من الكتب الفكرية المهمة التي أصدرها خلال مشواره العلمي.

ولد الفقيد في القاهرة عام 1935، وتخرج في كلية الآداب بقسم الفلسفة في جامعة القاهرة عام 1956، ثم سافر إلى فرنسا، وحصل هناك على الماجستير ودرجة دكتوراه الدولة من جامعة السوربون عام 1966، وعمل مستشاراً لبرامج البحث العلمي لجامعة الأمم المتحدة، ويرجع إليه الفضل مع آخرين، في الإشراف على إعادة تأسيس الجمعية الفلسفية المصرية عام 1989.

حاز الراحل عدداً كبيراً من الجوائز، أبرزها حصوله على جائزة الدولة التقديرية عام 2009، وجائزة النيل فرع العلوم الاجتماعية 2015م، وجائزة المفكر الحر من بولندا، وتسلمها من رئيس البلاد رسمياً.

ترك الدكتور حسن حنفي العديد من المؤلفات، اهتمت بفكر الحضارة العربية الإسلامية، حيث ألف الكثير من الكتب منها: «نماذج من الفلسفة المسيحية في العصر الوسيط»، و«مقدمة في علم الاستغراب»، و«من الفناء إلى البقاء»، و«من العقيدة إلى الثورة»، و«اليسار الإسلامي»، و«حوار الأجيال»، ويعتبر صاحب مشروع فلسفي متكامل.

تميز الراحل بالكتابة الموسوعية، وكثيراً ما كتب معرّفاً مشروعه المعرفي بالقول: «إنه يهدف إلى إقالة العرب والمسلمين من تراجعهم الحضاري الطويل»، وتوزع هذا المشروع، الذي أطلق عليه «التراث والتجديد» على ثلاث جبهات، الأولى: الموقف من الأنا، وهو محاولة لتجديد علوم الذات، ففي كتابه «من العقيدة إلى الثورة» نجد أنفسنا أمام عمل ضخم يتكون من خمسة أجزاء، يقع كل جزء في نحو 600 صفحة من القطع الكبير، والكتاب محاولة لإعادة بناء علم الكلام الإسلامي، وهو ما فعله مرة أخرى في علوم التصوف عندما كتب «من الفناء إلى البقاء»، وفي هذين العملين، وغيرهما، نجد أنفسنا أمام تيارات الفكر الإسلامي القديمة كافة، ونقرأ تحليلات وتنظيرات تحاول أن تجعل تلك العلوم معاصرة لنا.

أما الجبهة الثانية من مشروع الراحل فتمثلت في الموقف من الغرب، ويتضح ذلك بقوة في كتابه «مقدمة في علم الاستغراب»، حيث يحول حنفي الغرب إلى موضوع للدراسة، من أجل معرفة جذور حضارته وراهنه ومستقبله، والاقتراب من عوامل قوته ونقاط ضعفه. كان حنفي من المؤمنين بقدرات العالم الإسلامي والشرق بصفة عامة، ومن المهمومين بشؤونه والحالمين بقدرته على تسلم الريادة الحضارية مرة أخرى، وكان يرى أنه آن الأوان لكي يتخلص الشرق من تبعيته الثقافية والمعرفية للغرب، وحان الوقت لدراسة هذا الغرب من الخارج بعيداً عن تأثيرات عقود طويلة من التبعية الكولونيالية. وتتمثل الجبهة الثالثة في الموقف من الراهن، وهنا كان ركز حنفي على علوم الذات التي تؤثر في سلوكاتنا مباشرة مثل الفقه وعلم الحديث والسيرة النبوية..الخ.

ودخل حنفي في حوارات مطولة مع كل تيارات الفكر العربي المعاصر، لعل أشهرها حواراته مع المفكر المغربي الراحل محمد عابد الجابري في كتاب «حوار المشرق والمغرب»، حيث كان أحدهما يطرح قضية ملحة ويقوم الآخر بالإدلاء بوجهه نظره فيها. وفي ما يتعلق بالفكر الراهن كان طموحاً أيضاً ويسعى إلى تقديم قراءة لقواه الليبرالية واليسارية والإسلامية، للخروج برؤية جديدة تسهم في النهوض الحضاري للأمة.

وبرحيل حنفي تفقد الثقافة العربية آخر مفكريها الموسوعيين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"