عادي

«جيش اللصوص»..يصل إلى التشويق متأخراً

23:11 مساء
قراءة 4 دقائق
«أكشن» يحرك الأحداث ويشعل الحماس
جيش اللصوص
سيباستيان يحل اللغز بمتعة وانبهار

مارلين سلوم
سرقة الأفكار في السينما لم تعد معيبة، ولا تمس «السارق» بأي ضرر في مهنيته وسمعته في الوسط الفني، ولم يعد الجمهور يستغرب التشابه، حتى التطابق أحياناً، بين فيلمين لدرجة يشعر فيها المرء بأنه أمام مشاهد مألوفة سبق أن تفاعل معها، فتنشط ذاكرته وتستدعي قائمة الأفلام لتلتقط التشابه والتطابق. فيلم «أرمي أوف ثيفز» أو «جيش اللصوص»، وهو فيلم أمريكي القصة والتمثيل والإنتاج، لكن مخرجه وبطله ألماني، بدأ عرضه حديثاً على «نتفليكس»، سرق أفكاراً من أعمال سابقة لكنه نجح في جعل قصته مشوقة، وهي بداية لفيلم يرى النور قريباً أيضاً، وربما انطلاقة لسلسلة مغامرات تجمع التشويق والأجواء البوليسية مع الخيال.

طبيعي أن تشهد هذه المرحلة تدفقاً في أفلام الرعب، ويُخرج صناع السينما كل الأشباح والأموات وال«زومبي» إلى الشاشة لتقديم أفلام تجذب الشباب، والقليل منها موجه للأطفال. المخرج المعروف زاك سنايدر ترك الكاميرا واكتفى بالتأليف هذه المرة، حيث رسم شخصيات فيلم «جيش اللصوص»، وكتب القصة مع شاي هاتين، بينما تولى مهمة الإخراج الألماني ماتياس شفايجوفر الذي لعب دور البطولة أيضاً. سنايدر يتولى أيضاً، وزوجته ديبورا، مسؤولية الإنتاج، لكن ما علاقة «جيش اللصوص» بأجواء الهالوين وال«زومبي» والرعب؟ الحقيقة أن العلاقة سطحية جداً في هذا العمل، لكنها تمهيدية لإطلالة قوية في الفيلم التالي الذي سيكون عنوانه «جيش الموتى»، كما أن هناك سلسلة رسوم متحركة عنوانها «جيش الموتى: لوست فيجاس». «الأموات الأحياء»، أو «الزومبي» يسيرون في شوارع أمريكا، هذا ما نراه في بداية الفيلم وفي الخلفية حيث شاشة التلفزيون تنقل الحدث المرعب مباشرة من الشوارع، بينما نرى الشاب الألماني سيباستيان في ميونيخ يصور نفسه فيديو، وهو يحكي قصة مصنع هانز فاجنر الذي ماتت زوجته وابنه فعاش معزولاً حزيناً، فرّغ كل طاقته في الإبداع صانعاً أربع خزنات لكل منها لغز وقفل ومفتاح، لا يستطيع فتحها إلا من يحل اللغز، ويفهم ويحفظ القصة التي حفرها فاجنر بشكل متسلسل، على كل خزنة جزء من القصة. سيباستيان يروي كيف أنهى فاجنر صنع سلسلة الخزنات، أو الحلقات، كما يسمونها، ثم دفن نفسه في خزنة كي يموت ولا يجده أحد. وينتظر سيباستيان تعليق الناس وتفاعلهم مع القصة على صفحته، لكنه لا يحظى سوى بواحد من شخص يطلب منه التواصل المباشر من أجل حل هذا اللغز.

الخزائن هي قطع فنية ضخمة ومحفوظة في أماكن متفرقة حول العالم، وفتحها يعتبر لغزاً يشبه حل لغز جريمة معقدة من جرائم أجاثا كريستي.

مطاردات

في الجزء الثاني من الفيلم نعيش الأجواء البوليسية والمطاردات في الشوارع، حيث ينتقل من مرحلة الكلام والنظريات إلى «الأكشن» الحقيقي والسرقات.. ساعتان وسبع دقائق تبدو كأنها مقسمة إلى جزأين. الجزء الأول هادئ وممل قليلاً، حتى ظهور «الزومبي» فيه يبدو خفيفاً لا يخيف المشاهد، كأن المخرج لم يشأ التركيز عليهم ولا توسيع رقعة الرعب في العمل.

خبير الخزائن سيباستيان يدخل منافسة فتح الخزائن ويفوز بالمركز الأول، كما يفوز بإعجاب امرأة جميلة، إنها جويندولين (ناتالي إيمانويل) اللصة المحترفة سارقة المجوهرات الملاحقة من قبل «الإنتربول». تعرض عليه التعاون معها ومع فريقها لفتح خزنات فاجنر، ولأن سيباستيان ليس شخصاً عنيفاً ولا لصاً محترفاً، يشعر بالقلق، لكن جويندولين بجمالها تعرف كيف تقنعه. أول محطة للفريق المكون من هذا الثنائي وبراد كيج (ستيوارت مارتن) قائد الفرقة، كورينا (روبي أو في) الخبيرة في التكنولوجيا والقرصنة والتحكم في أماكن السرقة عن بعد، ورولف (جاز خان) السائق المحترف.

تبدأ الفرقة، أو العصابة، عملياتها من باريس وتنجح في فتح أول خزنة، ومن هنا تبدأ المطاردات وملاحقة «الإنتربول» لهم، وتعلو وتيرة «الأكشن» وتحلو المغامرات. أجمل ما في هذه المشاهد أداء البطل ماتياس شفايجوفر لدور سيباستيان الذي يصبح اسمه لاحقاً ديتر لودفيج، وسيكمل رحلته مع السلسلة بهذا الاسم. ماتياس نجح في هذا الدور ربما أكثر من نجاحه في الإخراج، رغم جمال الصورة والدقة في تصوير عملية فتح الخزنة، والانتقال السريع بين حركة البطل ويديه وبين ما يحصل في داخل الخزنة، وكيف تتحرك الآلة وصولاً إلى لحظة نجاحه في فتح القفل. وجميلة هي الطقوس التي يمارسها سيباستيان قبل فتح كل خزنة، مثل وضع الموسيقى الكلاسيكية، وتحريك اليدين والأنامل كأنه سيبدأ العزف على البيانو. والأهم ملامح وجهه وتجسيده لكل مشاعره ومدى عشقه لهوايته فك شيفرة أية خزنة وفتحها، وهوسه بقصة فاجنر وعبقريته، استدارة عينيه، ونظرة البراءة والانبهار والاستغراب والمفاجأة والسعادة والحب.. كلها تجتمع في نظرته إلى الخزنة وإلى جويندولين. لذا يمكن القول إن ماتياس هو البطل الأول والأهم في الفيلم، ويكاد لا يمر مشهد إلا وتجده فيه، ويكسب ود الجمهور بفضل أدائه المميز والرومانسية والبراءة في نظرته.

شخصية جديدة

المفروض أن أحداث «جيش اللصوص» تقع قبل ستة أعوام من «جيش الموتى»، وأنها تمهد للألغاز المقبلة، وتسهّل على الجمهور طريقة حلها. وكما جرت العادة في السنوات الأخيرة، تظهر شخصية جديدة مشهورة في اللحظات الأخيرة من الفيلم وبمشهد واحد كنوع من التمهيد، أو الإعلان عن مشاركة هذا النجم في الجزء المقبل فينتظره الجمهور بشوق. هكذا ظهر في المشهد الأخير دايف باوتيستا، باحثاً عن شخص يجيد حل ألغاز شيفرة فاجنر وفتح الخزنة الأخيرة لاكتمال السلسلة، ولا يجد أمامه طبعاً سوى ديتر لودفيج الذي يعمل في محل خزانات في كاليفورنيا.

أداء روبي أو في مميز جداً بدور كورينا، بينما جوناثان كوهين بدور الشرطي في «الإنتربول» دولاكروا متشنج ومبالغ فيه أحياناً، وناتالي إيمانويل التي تألقت في «لعبة العروش» تتألق هنا أيضاً بدور جويندولين، خصوصاً أنها هي التي تتولى مهمة القتال والدفاع عن نفسها، وعن شريكها سيباستيان، بينما هذا الأخير لا يجيد شيئاً من فنون القتال، أو حتى تسديد لكمة لمن يهاجمه.

الفيلم جيد، لكنه للأسف يتأخر في الوصول إلى مرحلة التشويق المغري للمشاهد كي يتمسك بالعمل بقوة، ولو اختصره المؤلف والمخرج لقفز الفيلم إلى فئة الأعمال التي ننتظرها بشوق ونتمنى مشاهدتها أكثر من مرة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"