ما يسبق معرض الكتاب

ما يسبق البدء الفعلي والرسمي، عادة، لدورات معرض الشارقة الدولي للكتاب يوازي في أهميته وكثافته الدولية فعاليات هذه الدورات نفسها، وعلى نحو مهني مباشر وجدت لمعرض الشارقة ميزة في حدّ ذاتها تتمثل في ما يسبق هذه الدورات من فعاليات منتظمة منذ سنوات، وهي الميزة التي اختص بها المعرض بين معارض الكتب الدولية في العالم.
على سبيل المثال، لا تنعقد في معارض الكتب العالمية مؤتمرات متخصصة في النشر وصناعته ومؤسساته، فيما وضع معرض الشارقة للكتاب له تقليداً منتظماً منذ سنوات يتمثل في مؤتمر الناشرين الذي ينعقد عادة قبيل بدء دورات المعرض، واليوم، يحتفي المعرض وتحتفي الشارقة بالدورة الحادية عشرة لمؤتمر الناشرين الذي تنظمه هيئة الشارقة للكتاب بالتعاون مع الاتحاد الدولي للناشرين وترأسه الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي التي كان لها الفضل في تنشيط الاتحاد في الشهور الماضية، وعلى مستوى إفريقيا بشكل خاص.
مؤتمر الناشرين قبيل بدء فعاليات المعرض أصبح ظاهرة ثقافية محلية ودولية، ونأخذ بعين الاعتبار هنا أن المؤتمر يقوم على مشاركة 561 ناشراً ووكيلاً أدبياً إلى جانب 35 متحدّثاً متخصصاً في قطاع النشر.
مؤتمر الناشرين السنوي المرتبط مهنياً وإدارياً، كما قلنا، بمعرض الكتاب، يُنظر إليه كحالة ثقافية دولية تجد بيئتها العملية هنا في الإمارات حيث ينمو قطاع النشر وصناعة الكتاب بمؤشرات بيانية متصاعدة، ويوازي هذه الحالة النشرية المتجددة قطاع آخر هو الترجمة في الإمارات، وفي الحالتين، ومن زاوية مهنية لا نفصل بين النشر والترجمة، فكلاهما قطاع واحد أو حالة نشرية واحدة.
مرة ثانية من باب التأكيد، لا من باب التذكير، إن ما يسبق معرض الكتاب يندرج في السياق الثقافي والمهني للمعرض، ويضاف إلى ذلك المبادرات الجديدة التي يُعلن عنها قبيل بدء الفعاليات، وفي هذا العام نحن أمام مبادرة جديدة وجميلة في الوقت نفسه هي الأولى من نوعها في تاريخ المعرض وتتمثل في مبادرة «مستشار القراءة» التي أطلقتها مكتبات الشارقة العامّة التي يعود تأسيسها إلى العام 1925.
مستشار القراءة في هذه المبادرة متطوّع وليس موظفاً، ويُعتمد بالدرجة الأولى على ثقافته وقراءاته اللتين ينقلهما إلى القارئ الجديد الرّاغب في هذه الاستشارة.
فكرة حيوية وذكية في الوقت نفسه، وقد استقطبت المبادرة نحو سبعة عشر كاتباً وكاتبة من الإمارات البعض منهم له خبرة في المكتبات، والمهم هنا أن يكون المستشار قارئاً ذكياً في الوقت نفسه، ويعرف جيداً وبطريقة شفّافة كيف يختار عناوين بعينها تناسب أعمار القرّاء.
مَجْمع اللغة العربية في الشارقة سيكون حاضراً أيضاً في المعرض من خلال التعريف بالمعجم التاريخي للغة العربية الأول في تاريخ الكلمة و«سيرتها» الأبجدية واللغوية والفكرية.
جلسات عدة لنخبة من اللغويين العرب المحترمين ثقافياً وأكاديمياً تتناول المعجم في حدّ ذاته كمشروع ومبادرة ثقافية كبرى في الشارقة، كما تتناول هذه الجلسات علوم وثقافة وجماليات اللغة العربية، وبكلمة ثانية هناك ما يشبه التظاهرة اللغوية أو المعجمية في معرض الشارقة الدولي للكتاب، معرض الثقافات، والأفكار، والمبادرات المعرفية العديدة.
[email protected]