عادي

«مريم المرحة».. قصائد أشبه بلوحات السينما الإيطالية

22:40 مساء
قراءة دقيقتين

الشاعر كريم عبد السلام أحد الأصوات البارزة في قصيدة النثر، ومنذ بداياته الأولى يحفر لنفسه مساراً خاصاً داخل القصيدة، يبدأ بالجماعة الإنسانية وهمومها ومعاناتها وتطلعاتها وينتهي بفتح المجال أمام الوعي الجمالي بقصيدة النثر باعتبارها أكبر وأعمق وأشمل من مجرد وصفة نقدية راجت خلال حقبة معينة، تعلي من شأن قصيدة الاعترافات اليومية ومتلازمة الأشياء المتناهية في الصغر.

القصيدة عند كريم عبد السلام عموماً وفى ديوانه «مريم المرحة» الصادر حديثاً، معنية بتلك الذات المعذبة ولحظاتها القصوى، التي تجسد تراجيديا الوجود الإنساني في جوهره، ومتى يكون الشعر إن لم يكن في قلب الوجود الإنساني بأحلامه الشاهقة وانكساراته المعذبة.

يقع ديوان «مريم المرحة» المكتوب في عام 2004 في نحو تسعين صفحة ويتضمن ست عشرة قصيدة هي «حالة الطقس، الجميلة، في بحيرة حمراء، جنودي الأعزاء، ملاذ اسمه حديقة، رسول، الطريق، مريم المرحة، لا أرحب من الشوارع، العداء، الطبول، عندما صار الجسم فحماً، المرح الخالص، ملائكة، أعطيني الوحش يا ليلى، نحن».

وبينما تبدو قصائد الديوان تقارب لقطات مختارة من الواقع الخشن، أشبه بلوحات من السينما الإيطالية، إلا أن التوقف عندها قليلاً سرعان ما يكشف أن الإحالات الواقعية ما هي إلا باب لعالم جديد بين العقل والجنون، أو بين الحلم والواقع، عالم فيه من الصوفية والرومانسية والأسى على مصير الإنسان الكثير.

في قصيدة الطريق يقول كريم عبد السلام:

«كنت أُحذّره كل صباح أمام المرآة،

وتخيّلتُ أن باستطاعتي جذبه

للداخل مرة أخرى،

لكن يده أفلتت،

فاتسخت ملابسه تدريجيّاً

وطالت لحيته

وهاجم التراب مسامه

ثم تقوست أظافره

واختفى في الطريق».

أي طريق يوغل فيه كريم عبد السلام خلال ديوان «مريم المرحة»؟ أهو طريق الحقيقة أم طريق الوعي المغاير؟، فقدان الصلة بالواقع الذي ندعي معرفته إلى ترتيب جديد لواقع مغاير، يظهر بوضوح في عديد من قصائد الديوان، جنباً إلى جنب مع لحظات المواجهة الحادة مع انكسار الحلم أو مع الإقرار بالهزيمة أو مع الموت الذي يلوح في ذروة الحياة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"