تعدد جبهات الصراع

00:11 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

يبدو أن الأوضاع تتجه إلى مزيد من التصعيد عالمياً على أكثر من جبهة مع عودة كوريا الشمالية إلى اختبار المزيد من الصواريخ البالستية الأشد قوة، بعد فترة هدوء نسبية على مدى السنوات الثلاث الماضية، يتزامن تصعيد بيونج يانج مع اشتداد الصراع على جبهة أوكرانيا، حيث لا يبدو أن ثمة بوادر لنزع فتيل الأزمة التي تزداد زخماً يوماً بعد آخر.

 الولايات المتحدة طلبت تحركاً دولياً من خلال مجلس الأمن للرد على كوريا الشمالية التي أطلقت قبل أيام قليلة أقوى صاروخ لها منذ عام 2017، وكانت هذه سابع تجربة خلال الشهر المنصرم، إذ تأمل أمريكا أن يتم اتخاذ موقف موحد ضد تطوير بيونج يانج لترسانتها الصاروخية، لكن أي تحرك على الصعيد الأممي غير مكتوب له النجاح في ظل وقوف الصين وروسيا حجر عثرة أمام أي خطوة أمريكية لإدانة «الشمالية»، خاصة في ظل تولي روسيا خلال فبراير/ شباط الرئاسة الدورية للمجلس.

 التصعيد الكوري في ظل هذا الظرف الذي يحتشد فيه الغرب للوقوف في وجه روسيا، قد يكون متعمداً، فكيم جونج أون الذي ظهر مؤخراً في فيديو دعائي يمتطي صهوة جواده، ليستعرض قوته في مواجهة الأزمات، كان قد تعهد بزيادة قدرات بلاده تزامناً مع التصعيد على جبهة أوكرانيا، وما رافق ذلك من مخاوف غربية كبيرة من إقدام موسكو على عمل «عدائي». فكوريا الشمالية الحليفة لروسيا وبكين ربما رأت أن الفرصة سانحة لمزيد من الضغط على واشنطن، بعد كم هائل من العقوبات التي فرضت عليها، وفشل المحادثات التي جرت في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

 كوريا الشمالية تلمّح أيضاً إلى إمكانية استئناف التجارب النووية، وهو ما تتوقعه واشنطن، بعدما قال مسؤول أمريكي كبير إن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من أن تكون تلك التجارب المتزايدة بمثابة تمهيد لعودة التجارب على أسلحة نووية وصواريخ بالستية عابرة للقارات.

 لكن واشنطن وفي ظل زخم الجبهة الأوكرانية، تحاول لملمة ما تستطيع من التهديدات القادمة من الدولة الواقعة في شرق آسيا عبر الدعوات المستمرة والمكثفة لحوار مباشر، علها من تكسب الوقت لتتفرغ لحث روسيا على العدول عن أي تحرك عسكري، مع إدراكها أن الحل يبدو بعيد المنال في ظل تمسك بيونج يانج بشروطها، وإصرار الولايات المتحدة على نزع أسلحة الدمار من «الشمالية».

 الصراعات العالمية يبدو أنها مترابطة، فروسيا والصين قد تستخدمان الورقة الكورية الشمالية، لحرف الأنظار عن صراعات أخرى، والضغط على أعدائهما التقليديين، بينما لا تتوانى أمريكا و«الناتو» في تعزيز وجودهما بالقرب من حدود الدولتين لإيصال رسائل أمنية إليهما.

 إذا لم يتم التعقل في حل الأزمات الناشئة، فإن الأوضاع قد تنقلب في لحظة جنون، لتشتعل شرارة حرب لا تبقي ولا تذر، فالدول الكبرى مطالبة بحماية شعوب العالم والأجيال المقبلة عبر اللجوء إلى الحلول الوسط والابتعاد عن سياسات كسر العظم التي قد تكسر العالم كله.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"