عادي

غاية الصيام

00:00 صباحا
قراءة دقيقتين
سالم-االشويهي

د. سالم بن أرحمه الشويهي

تقوى الله عز وجل: هي غاية الصيام؛ تقوى صادقة يترك فيها الصائم ما يهوى حذراً مما يخشى. وإذا كانت فرائض الإسلام وأحكامهُ وأوامرهُ ونواهيه كلها سبيل التقوى، فإن خصوصية الارتباط بين الصيام والتقوى شيء عجيب. وعلّق الله بالتقوى خيرات كثيرة وثمرات عديدة، وكرر ذكرها في كتابه لأهميتها، فخير الدنيا والآخرة مجموع فيها:«وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى».

والقَبولُ معلقٌ بها:«إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ». والغفرانُ والثوابُ موعودٌ عليها «وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفّرْ عَنْهُ سَيّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً». أهلُ التقوى هم الأعلون في الآخرة والأولى: «تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ».

وتقوى الله سبب في تفريج الكربات، وكفايةِ اللهِ لعبده ما أهمه من أمور دينه ودنياه، وسبب في تيسير الرزق الحلال من حيث لا يحتسب الإنسان والمخرج من كل كرب والنجاة من كل شدة:«وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ».

تقوى الله سبب في تكفير السيئات وإعظام الأجور «وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا»،

فتقوى الله هي السبيل إلى السعادة التامة في الدنيا والآخرة، قال أبو الدرداء رضي الله عنه:

يَوَدُّ الْمَرْءُ أَنْ يُعْطَى مُنَاهُ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا مَا أَرَادَ

يَقُولُ الْمَرْءُ فَائِدَتِي وَمَالِي وَتَقْوَى اللَّهِ أَفْضَلُ مَا اسْتَفَادَا

يسعى الناس في هذا الزمان للتأمين على أنفسهم وعلى مستقبل أولادهم لدى الشركات، ويدَعون الأمانَ الحقيقي على المستقبل والأولاد ألا وهو تقوى الله، قال سبحانه: «وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا».

من يتق الله يُحمد في عواقبهِ ويكفهِ شرَّ من عزّوا ومن هانوا

من استجارَ بغير الله في فزعٍ فإن ناصرهُ عجزٌ وخُذلانُ

فاشدُد يديْك بحبلِ الِله معتصمًا فإنه الركنُ إن خانتك أركانُ

قيل لعمر بن عبد العزيز في مرضه الذي مات فيه: ماذا تركت لأولادك؟

قال: تقوى الله، قيل: كيف؟! قال: إن كانوا صالحين فإن الله يتولى الصالحين.

والمتقون تقر أعينهم بالطاعات في الدنيا، وبأعلى الدرجات من الجنة في الآخرة. ومن حقق التقوى شعر بأن حياته كلَّها مِلكٌ لله تعالى فهو يصلي وقت الصلاة، ويصوم وقت الصوم ويتصدق مع المتصدقين فليس لنفسه منه حظ ولا نصيب بل حياته كلها وقف لله تعالى، فطوبى لصائم استشعر هذه النعمة؛ فحقق التقوى.

ولما كانت التقوى بهذه المنزلة وبهذه الأهمية من دين الله عز وجل فقد حث عليها نبي الله بل إنه كان يتضرع إلى الله سبحانه ويسأله التقى، وكان يقول: «اللهم إني أسألك الهدى التقى والعفاف والغنى».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"