عادي
الكولونيل بودلي يكشف سر القوة

محمد نبي الرحمة والبساطة

22:31 مساء
قراءة 3 دقائق

الشارقة: علاء الدين محمود

كانت حياة الرسول، صلى الله عليه وسلم، غنية وملهمة، استوقفت العديد من الكتاب الغربيين من المستشرقين وغيرهم، واتفق الكثيرون منهم على فرادة خلق النبي الكريم ونبل صفاته وسماته، وفيهم من راح يرصد مختلف صور الحياة التي عاشها فاقترب من سيرته وألف كتباً يعدّد فيها مزاياه الكريمة، وكيف أنه عاش متواضعاً زاهداً يدعو لمكارم الأخلاق.

الكولونيل البريطاني رونالد بودلي (1892 1970) يعتبر واحداً من أبرز المستشرقين الغربيين الذين أنصفوا الإسلام ونبيّه، وهو صحفي وكاتب، وكان يعمل ضابطاً في صفوف الجيش البريطاني، خدم خلال الحرب العالمية الأولى، وسافر إلى بلاد العرب بعد أن قرر التفرغ للدراسة والبحوث، وعاش وسط البدو عدة سنوات، وتعرف إلى نمط حياتهم وتحدث لغتهم ومارس مهنهم وأعمالهم، وفي النهاية اعتنق الإسلام.

تفرد إنساني

في عام 1940، ألف بودلي كتاب «الرسول.. حياة محمد»، الذي ترجمه إلى العربية عبد الحميد جودة السحار ومحمد فرج محمد في عام 1945، وفيه يستعرض حياة النبي بصورة شاملة ويقترب من كثير من مواقفه التي تكشف عن إنسانية صادقة، ويبدو أن الكاتب أخذ تماماً بتلك الشخصية العظيمة بحيث أنه ذكر أن كل الذين ألفوا كتب السيرة لم يحيطوا إلا بالنذر القليل من شمائل وصفات ومواقف النبي وتفرده الإنساني.

1

ويشير الكتاب إلى أن النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، يمثل عند المؤيدين له والمعارضين البساطة الأبوية، تلك البساطة التي تمثل مصدر القوة الأساسية في الإسلام، ويرسم لوحة زاهية بألوان متعددة ساطعة عن تلك الحياة البسيطة التي عاشها النبي الكريم ويقول: «أثبت محمد منذ البداية أن الإسلام يقوم نظرياً وعملياً على البساطة، والميول الزهدية لدى محمد كانت بسبب كرمه الشديد، وإنفاقه على الفقراء إلى حد أنه لم يترك شيئاً لبيته، كما لم يوسّع في منزله الذي استوعب كل زوجاته تُؤويهن حجرات بسيطة تفصلها فروع النخيل المثبتة بالطين والخالية من الأثاث، ولم يتغير هذا الوضع حتى بعد أن حقق النبي كل انتصاراته، واتسعت دخول دولته، ومن النادر أن تجد رجلاً لا يفقد قيمه بعد تحقيق الانتصار، ومحمد بعد دخوله مكة نام على الحصير نفسه، وبالطريقة نفسها عندما كان يسافر في تجارة خديجة، وقد عكس سلوكه بعد فتح مكة عظمة ونبل شخصيته».

ويتوسع الكتاب في تناول تلك القيم الفريدة والخصال الحميدة للنبي، صلى الله عليه وسلم، وكيف أنها كانت سبباً في إقبال الكثيرين على الإسلام، خاصة الذين كانوا في أدنى درجات السلم الاجتماعي ذلك لكونه كان حفيّاً بهم ورحيماً، فقد كان عن حق هو نبي الرحمة المهداة، إذ شملت رحمته الإنسان والجماد والحيوانات التي أحبها، ورأف بها، وأشفق عليها، وعلى الرغم من تقديم الأضحيات من الحيوانات في الأوقات المحددة فإنه لم يوافق أبداً على قتل الحيوان فقط من أجل القتل.

ويوضح الكتاب أن النبي ضرب رقماً عالياً في الذوق وحسن السياسة في مخاطبة النساء، فقد سألته عجوز كيف ستدخل الجنة؟ فقال لها: لا يدخل الجنة عجوز. فولت العجوز وهي تبكي، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أخبروها: ليست يومئذ بعجوز، وأنها يومئذ شابة. إن الله عز وجل يقول: «إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً فجعلناهنّ أبكاراً».

مساواة

يلفت الكتاب إلى أن أحد أهم أسباب انتشار الدعوة السريعة للإسلام وتعاليمه الفاضلة، أن الرسول الكريم قضى على كل أشكال التفرقة بين البشر على أساس من الطبقة، أو الفئة، أو اللون، أو العرق، وليس هناك عائق لوني للمسلم، فلا يهم أكان المؤمن أبيض أو أسود أو أصفر، فالجميع يعاملون بالمساواة. ويشير إلى أن الحج هو أعظم شاهد على ديمقراطية الإسلام، فهناك يجتمع المسلمون الأوروبيون والآسيويون والإفريقيون، والفقراء والأمراء التجار، والكل في الإزار البسيط نفسه الذي كان محمد وأتباعه يرتدونه في حجة الوداع، وهؤلاء جميعاً يتناولون الطعام نفسه، ويتقاسمون الخيام نفسها، ويعاملون من دون تمييز، فهم جميعاً مسلمون، ولهم في رسولهم أسوة حسنة.

ويتناول الكتاب شخصية النبي الكريم، موضحاً أنه كان يحب قومه من كل قلبه، ويصفح عن ضعف الرجال والنساء، ويستعرض المؤلف بعض الصفات المحببة الجميلة لدى نبي الرحمة، إذ كان يصنع نعله بنفسه، ويرقع ثيابه، وكانت فيه دعابة حسنة، مشيراً إلى أن نبي الإسلام تميز في التاريخ بأنه أتمّ عمله ورسالته دون أن يدّعي أنه قديس أو ملاك بل إنسان بشر، ولا يوجد ما يفرقه عن بقية المسلمين لا لقب ولا ثروة، ولا أسلوب مختلف في الحياة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"