عادي
بناء الوعي

الانتماء والحفاظ على الهوية

00:43 صباحا
قراءة 3 دقائق

يؤكد د. السيد محمد الديب، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن الحديث عن الدولة الوطنية ومشروعيتها أصبح ذا أهمية بالغة، وأن الدعوة إلى التماسك والترابط وتعميق محبة الوطن والدفاع عنه وإعلاء المصلحة العليا للوطن فوق المصالح الخاصة، أصبحت ضرورة قائمة وهدفاً ينبغي العمل على ترسيخه بكل قوة لدى الشباب والناشئة، وذلك للعمل على رفعة وتقدم الدولة الوطنية وازدهارها.

يشير الديب إلى أن «الدولة الوطنية تضم سائر أبناء الوطن في كيان واحد متماسك بآمال وطموحات محددة وواضحة، وبلا تفريق بين شخص وآخر على أساس الدين أو العرق أو اللون أو الفكر، والوطنية دعوة هادفة لتجميع أبناء الوطن الواحد على الحب والإحساس الصادق بالوطنية، والشعور الكامل والصادق من المواطن تجاه أمته ووطنه. وكل ذلك يتحقق في الواقع من خلال التوعية وغرس قيمة الولاء والانتماء للوطن، وبيان تأثير هذه المفاهيم على رفعة وتقدم الأمة وبناء الحضارة، وبيان أن حب الوطن من الإيمان».

ويقول: ترسيخ مبادئ الدولة الوطنية وتثبيت دعائمها يستلزمان التوافق المجتمعي، بحيث تتحقق العدالة والحرية والمساواة واحترام الأديان، والجمع بين سائر الطوائف في كيان واحد لا يتميز فيه أحد عن آخر، مع سيادة القانون، وتفعيل عقد المواطنة بين الفرد والدولة، وبحيث تطبق الفكرة الجوهرية وهي «الدولة لكل مواطنيها»، فعقد المواطنة يستلزم ما للفرد من حقوق وما عليه من واجبات، وبذلك يكون ولاء المواطن لدولته، وليس مسيراً بفكر خارجي لا يتسق مع أهداف الدولة ومتطلباتها.

ويضيف: تحتكم الدولة الوطنية إلى الدستور والقوانين واللوائح التي يتساوى أمامها جميع المواطنين، فلا يُعطل شيء منها لصالح فرد أو جماعة أو فصيل يسعى إلى التميز واكتساب الحقوق دون مراعاة الواجبات، كما تستهدف الدولة الوطنية التحقيق المفعل للتعايش والتسامح وقابلية التعدد الديني، واللغوي، والثقافي، وبذلك يكون التقدير والاحترام بين الشخص والدولة.

ويلفت الديب إلى أن إقرار الكثير من العلماء بمشروعية الدولة الوطنية، التي تراعى فيها كل الأديان والحريات والأعراق بحيث تكون ذات تشريع قانوني يتساوى في ظلاله سائر أبناء الوطن، أمر ثابت. ويقول: لا يكتمل شكل الدولة الوطنية بالتنظير، ولكن بالتطبيق والتفعيل، وبإحساس كل فرد فيها بأنه جزء من الكل، وأن الوطن للجميع، وأن الناس سواسية أمام القانون، وأن الدولة لا تغيب عن ممارسة دورها في الأزمات التي تجتاح الوطن أو بعضاً من كياناته، وأنها داعمة للتنمية والبناء ومواكبة العصر وتطوره، وهوية الدولة الوطنية مقترنة بهوية الإنسان مهما تتباعد أو تختلف عن هويات الآخرين.

ويوضح أن «الهوية عموماً مصطلح يحدد مكونات الإنسان واهتماماته وانتماءاته، فهُوية الشخص بيان لشخصه من حيث اللغة والدين، ومن حيث الأمة التي يرتبط بها وينتسب إليها، ومن حيث العادات والتقاليد التي استقرت في أعماقه وانتقلت إليه من آبائه وأجداده، فالهوية قضية أساسية في تكوين الإنسان يتحمس لها ويدافع عنها، ويدور نشاطه حولها، هذه هي الهوية الذاتية، فضلاً عن انتمائه إلى دولة ذات هوية وطنية عليا تحتوي سائر الهويات المتعددة، سواء ما كان منها ذا طابعٍ ديني أو قومي أو فئوي أو ثقافي أو غيرها».

ويضيف: الهوية بسائر مكوناتها تنبع من إحساس الشخص بصدق انتمائه ولا تفرض عليه. وتقوى الهوية بالانتماء وعدم التعصب ضد الهويات الأخرى، فيكون التسامح أساساً للعلاقات الفئوية المختلفة، وبهذا المعنى يمتزج أبناء الوطن في هوية وطنية تضمهمي النفوس والقلوب، من خلال العمل والإنتاج.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"