عادي

ثقافة الفرح

00:26 صباحا
قراءة دقيقتين

ميسون أبوبكر
الثقافة الجمعية تشكلها مكونات مشتركة لمجموعة من البشر، جمعتهم ظروف واحدة أو أهداف، وكأس العالم لكرة القدم لهذا العام رسم ثقافة مختلفة لهذه الرياضة التي ربحت في شرف تنظيمها دولة عربية خليجية، ألقت بظلال ثقافتها على تفاصيل الحدث منذ بداية الكأس، وحضور القهوة العربية وسوق واقف والشماغ انتهاء بالبشت الذي لبسه ميسي وقت تكريمه.

للرياضة شعبية لم يحققها حدث مماثل، فبينما استطاع اللاعب تحقيق شعبية عالمية، وامتلأت المدرجات بالجماهير الرياضية، عجز الشاعر مثلاً أن يحقق تلك الشعبية، ومعظم مدرجات المهرجانات الشعرية خاوية، ومعظم الفعاليات الثقافية بلا جمهور.

رغم ظروف الحرب في أوكرانيا، وشح مصادر الطاقة في أوروبا وصراعات القوى العظمى وأزمة اليورو وخطر كورونا ومتحوراتها، إلا أن رياضة كرة القدم جمعت العالم في قطر، وإن التقاء المشجعين من شعوب وثقافات متعددة ومشارب مختلفة على أرض دولة عربية، نقل الكأس في دورته هذه لمنحنى آخر وأضفى عليها ثقافة مختلفة بنكهة عربية سيبقى لها أثرها، وسيسعى الآخر للتعرف إلى الشرق بطرائق مختلفة سواء قراءة الأدب العربي أو الاطلاع على الفنون المختلفة والسفر وزيارة الأماكن الأثرية.

بعد هذا الزخم وهذا الحضور الرياضي وحجم الجمهور الضخم والمشاهدين عبر القنوات المختلفة من الممكن استثمار المناسبات الرياضية لصالح الشأن الثقافي بأساليب شتى، والاعتماد على الشباب جمهور الرياضة الغفير، فهم القادرون على صناعة الفرق بخاصة إن كان شباباً مثقفاً منتمياً لهويته.. على وعي بما هو حوله.

لم يكن معظم أفراد المنتخبات التي شاركت في كأس العالم من البلد الذي يلعبون تحت مظلته، بل لعب بعضهم ضد فرق وطنهم الأم، وهنا يتشعب الحديث عن ثقافة الانتماء وعن ثقافة لا تكاد تغيب عن أحد وهي اندماج الناس من الجزائر والمغرب وتونس في أوروبا وفرنسا تحديداً نتيجة الولادة هناك أو الاتفاقيات التي أضرمت بين فرنسا وبين تلك الدول، لأسباب تاريخية وجغرافية.

والسؤال هو هل استطاع أولئك الاندماج في الثقافة الجديدة عبر الهجرات المتتالية؟، هل تجانست ثقافة الشعوب وتآلفت أو بنى القادمون أسواراً عالية حول مجتمعهم الجديد، نتيجة نظرة الآخر لهم أو لأسباب أخرى؟.

كأس العالم بكل ما حدث به من مفاجآت واستضافته عربياً سيفتح باباً لدراسة ثقافية واعية تلقي الضوء على عمق أكبر.

لقد نجحت الرياضة بالفعل في ترك بصمتها كثقافة فرح، أسهمت في تقارب الشعوب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/c635fjc6

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"