عادي
على أبواب 2023.. الأسوأ لم يأتِ بعد

الاقتصاد العالمي نحو عقد من النمو المنخفض

22:46 مساء
قراءة 4 دقائق
التزلج على نهر في بكين بعد تخفيف قيود «كوفيد-19» (بلومبيرغ)

من المحتمل أن يواجه الاقتصاد العالمي عقداً من النمو البطيء، وفقاً لدانييل لاكال، المؤلف وكبير الاقتصاديين في شركة «تريسيس جيتسون».

وتصارع الاقتصادات في جميع أنحاء العالم مع العديد من الصدمات من حرب روسيا وأوكرانيا إلى إجراءات الصين المستمرة، لعدم انتشار فيروس كوفيد، والتي أدت إلى ارتفاع التضخم وإضعاف النشاط.

ويتوقع صندوق النقد الدولي الآن أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي من 6% في عام 2021 إلى 3.2% في عام 2022 و2.7% في عام 2023. ووصف الصندوق هذا بأنه «أضعف نمو منذ عام 2001 باستثناء الأزمة المالية العالمية والمرحلة الحادة من جائحة كوفيد -19». وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يرتفع التضخم العالمي من 4.7% في عام 2021 إلى 8.8% هذا العام قبل أن ينخفض إلى 6.5% في عام 2023 وإلى 4.1% بحلول عام 2024، ليظل فوق المستويات المستهدفة للعديد من البنوك المركزية الكبرى.

وقال لاكاي في حديثه مع شبكة «سي إن بي سي» إن إمكانية إعادة فتح الاقتصاد الصيني بالكامل هو «أكبر خبر إيجابي» يمكن أن تتوقعه الأسواق لعام 2023.

قال لاكاي: «لقد كنا ننظر إلى صورة قاتمة للغاية للاقتصاد الصيني، حيث إن أداء الاقتصاد الصيني مهم ليس فقط لنمو بقية العالم ولكن بشكل خاص لأمريكا اللاتينية وكذلك لإفريقيا».

يعاني الناس في شتى أنحاء العالم التضخم بمستويات لم تُسجل منذ عقود مع ارتفاع أسعار سلع وخدمات ضرورية مثل الطعام والتدفئة والنقل والإقامة. وعلى الرغم من أن ذروة التضخم ربما تلوح في الأفق، فإن آثاره قد تزداد سوءاً.

السبب؟ كلمتان: جائحة وحرب

انتهت فترة طويلة ومريحة من التضخم المحدود وأسعار الفائدة المنخفضة فجأة، بعد أن عصفت جائحة فيروس كورونا بالعالم؛ إذ استمرت الحكومات والبنوك المركزية في دعم الشركات التي أغلقت أبوابها، والأسر، بتريليونات الدولارات.

ومنع «شريان الحياة» هذا، العمال من الانضمام إلى طوابير الإعانات، والشركات من الانهيار، وأسعار المنازل من التراجع الشديد. لكنه أدى أيضاً إلى توقف العرض والطلب على نحو لم يسبق له مثيل.

وبحلول عام 2021، مع انتهاء عمليات الإغلاق ونمو الاقتصاد العالمي بأسرع وتيرة بعد ركود منذ 80 عاماً، ألقت أموال حزم التحفيز الضخمة هذه بظلالها على نظام التجارة العالمي.

فلم تستطع المصانع التي كانت متوقفة أن تعمل بالسرعة الكافية؛ لتلبية الطلب، وتسببت القواعد الآمنة لكوفيد-19 في نقص العمالة في قطاعات البيع بالتجزئة والنقل والرعاية الصحية، وأطلقت طفرة الانتعاش شرارة ارتفاع أسعار الطاقة.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بعد حرب روسيا أوكرانيا في فبراير/شباط، وأدت العقوبات الغربية على أكبر مصدر للنفط والغاز إلى ارتفاع أسعار الوقود.

لماذا الاهتمام بالتضخم؟

يُعرّف التضخم بأنه «ضريبة على الفقراء»، لأنه يؤثر في ذوي الدخل المنخفض، وقد أدى تضخم في خانة العشرات إلى زيادة التفاوت وعدم المساواة في أنحاء العالم. ففي حين يمكن للمستهلكين الأكثر ثراء الاعتماد على المدخرات التي تراكمت خلال عمليات الإغلاق إبان الجائحة، يجد آخرون صعوبة في تغطية نفقاتهم ويعتمد عدد متزايد على بنوك الطعام.

ومع حلول الشتاء في نصف الكرة الشمالي، يزداد الضغط على تكاليف المعيشة مع ارتفاع فواتير الوقود. ونظم العمال إضرابات في قطاعات من الرعاية الصحية إلى الطيران، للمطالبة بأن تواكب الأجور التضخم. وفي معظم الحالات، اضطروا للقبول بأقل مما يطلبون.

وتهيمن مخاوف تكاليف المعيشة على سياسات الدول الغنية، وفي بعض الحالات يُغض الطرف عن أولويات أخرى مثل إجراءات مكافحة تغير المناخ.

وفي حين أن الانخفاض الذي تشهده أسعار البنزين في الآونة الأخيرة قد خفف بعض الضغط، فإن التضخم لا يزال محور تركيز إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن. ويوسع نظيراه الفرنسي إيمانويل ماكرون والألماني أولاف شولتس ميزانيتهما لتوجيه مليارات اليورو إلى برامج الدعم.

ولكن إذا كانت الأمور صعبة في الاقتصادات الصناعية، فإن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يزيد من حدة الفقر والمعاناة في البلدان الفقيرة، من هايتي إلى السودان ولبنان إلى سريلانكا.

ويقدر برنامج الأغذية العالمي أن 70 مليوناً آخرين في جميع أنحاء العالم باتوا على شفا المجاعة منذ بداية حرب روسيا وأوكرانيا فيما يسميه «تسونامي الجوع».

ماذا يعني ذلك لعام 2023؟

شرعت البنوك المركزية في أنحاء العالم في رفع أسعار الفائدة رفعاً حاداً، لتهدئة الطلب وترويض التضخم.

وبحلول نهاية 2023، يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينخفض التضخم العالمي إلى 4.7%، فيما يقل قليلاً عن نصف مستواه الحالي.

والهدف من ذلك هو «هبوط ناعم» في دورة الأعمال تتراجع فيه الأسعار من دون انهيار سوق الإسكان أو إفلاس شركات أو ارتفاع معدلات البطالة، لكن مثل هذا السيناريو الأفضل أثبت أنه بعيد المنال في المواجهات السابقة مع ارتفاع معدلات التضخم.

ومن رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) جيروم باول إلى كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي، هناك حديث متزايد عن أن دواء رفع أسعار الفائدة قد يكون مر المذاق.

وعلاوة على ذلك، فإن المخاطر المحيطة بأمور يكتنفها قدر كبير من عدم اليقين، مثل حرب أوكرانيا والتوتر بين الصين والغرب، تميل لأن تجعل الأوضاع تسير في الاتجاه النزولي.

وللتدليل على ذلك، كانت التوقعات الدورية لصندوق النقد الدولي في أكتوبر/ تشرين الأول من أكثرها قتامة منذ سنوات. وقال الصندوق: «باختصار، الأسوأ لم يأتِ بعد. وفي 2023 سيشعر كثيرون بالركود». (وكالات)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n8zfwa9

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"