يعيش الأشخاص الذين لديهم إيجابية حيال التقدم في العمر عمراً أطول. هذه خلاصة بعض الأبحاث التي أجراها علماء في جامعة «يالي»؛ حيث درسوا إجابات 660 شخصاً عن مجموعة من الأسئلة حول موقفهم من حالات مثل: «خلال تقدمك بالسن، تصبح أقل فائدة لعائلتك والمجتمع، نعم أم لا؟»
إن من رفضوا مثل هذه الأحكام التي تضع الإنسان في قالب محدد ألا وهو أنه متى تقدم في العمر فقد انتهت صلاحيته للإنتاج والإنجاز وأصبح بلا فائدة؛ بل عالة على المجتمع، وكانت لديهم مواقف أكثر إيجابية تجاه الشيخوخة، تمكنوا من العيش لسبع سنوات ونصف أكثر من الذين وافقوا على أن التقدم في العمر يعني نهاية القدرة على تقديم شيء إضافي للحياة والآخرين وامتلكوا بذلك مواقف أكثر سلبية حيال الشيخوخة.
ودراسة أخرى ضمت 2564 شخصاً يتجاوز عمرهم الخمسة والستين، أن المشاعر الإيجابية قلّلت من ضغط الدم.
وتوصل علماء في جامعة «يالي»، إلى أن السلوك والموقف تجاه أحداث الحياة يؤثر في القلب، ومستويات الكوليسترول، ووزن الجسم على طول الحياة التي يعيشها الإنسان.
وأيضاً هناك دراسة بيّنت أن الأشخاص فوق عمر الثمانين عاشوا مدة أطول لأنهم كانوا راضين بحياتهم. وأوضح استبيان في فنلندا على 320 متطوعاً طُلب منهم تعبئته، أن أولئك الذين كانوا أكثر رضا كانت لديهم نصف مخاطر الموت على مدار السنوات العشر التالية من أولئك الذين كانوا أقل رضاً عن حياتهم.
هنا نستطيع أن نقول إن موقفك يحدد كل شيء فإذا كان لديك موقف إيجابي نحو الشيخوخة، وتعتني دوماً بتفكيرك وجسدك وتبقيهما في حالة من النشاط والحيوية، فإنك سوف تبقى أكثر صحة لوقت أطول.
يعتقد غالبية الناس بأن الدماغ والجسم ينحدران بمرور الزمن؛ حيث يظن الكثيرون بأن خلايا الدماغ تتوقف عن التجدد بعد الطفولة أو سن المراهقة على أكثر تقدير، ولا تعيد بناء نفسها من جديد؛ بل تأخذ في التداعي والموت رويداً رويداً مع التقدم بالعمر.
بيد أن الأبحاث الجديدة أثبتت خطأ هذا الاعتقاد الذي ظل سائداً لسنوات طويلة؛ إذ تبين أنه بالعناية الجيدة بالعقل والجسد، والتغذية الصحيحة وممارسة التمارين الرياضية بصورة منتظمة، إلى جانب موقفنا من الشيخوخة، كل ذلك يلعب دوراً كبيراً في محافظتنا على صحتنا؛ بل ويسمح لخلايا عقولنا بالتجدد المستمر وكذلك خلايا جسدنا.
إذن، فالبداية تكمن في اعتناق الفكر الذي يؤمن بأننا يمكن أن نعيش بكامل صحتنا حتى آخر العمر، وأن الشيخوخة ليست نهاية الرحلة؛ بل ثمرة الحكمة والخبرات الطويلة، وكل عام وأنتم بخير.
