عادي
حدث تاريخي خارج قدرة وحسابات البشر

الإسراء والمعراج.. هدية الخالق لرسوله الخاتم

22:44 مساء
قراءة 4 دقائق

القاهرة: بسيوني الحلواني

تتجدد ذكرى الإسراء والمعراج، وتتجدد معهما الدروس والعبر المستفادة لواقع المسلمين ومستقبلهم.. ومن المهم هنا أن يواصل علماء الإسلام توضيح الحقائق الدينية المتعلقة بهذا الحدث التاريخي العظيم، حتى لا نترك فرصة للقصص والحكايات الخرافية لتقتحم العقول وتسيطر على الأذهان..

الصورة

يقول العالم الأزهري د. نصر فريد واصل عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق: لا يصح أن نطبق المقاييس البشرية على السنن الكونية ونقول إن هذا ممكن وهذا غير ممكن، ولو كان كل شيء ممكناً بحكم العقل والمنطق أو حتى العلم، فلماذا لم يدلنا علماء الأرض أو الكون عموماً عن موعد وقوع الزلازل وانفجار البراكين وحدوث الفيضانات والرياح وغيرها مما نراه في كل قارات العالم ويحدث الكثير من الخسائر البشرية والمادية؟

لذلك يؤكد عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر ضرورة التسليم بأن (فوق كل ذي علم عليم)، وفوق قدرتنا كبشر قدرة خالق، ونتأمل بإيمان ويقين كل الآيات القرآنية التي تؤكد طلاقة القدرة الإلهية، فهو سبحانه وتعالى«القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير» كما أخبرنا القرآن الكريم، فكل ما يحدث في ملكوت الله خارج قدرة البشر، بما لديهم من علماء ومراكز أبحاث متطورة هو (من صنع الله) ومن دلائل قدرة الخالق التي لا تحدها حدود، وهو سبحانه وتعالى القائل في القرآن الكريم: «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ» والقائل عز وجل: «قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ».

ويشدد مفتي مصر الأسبق على ضرورة التأمل في سنن الكون، وأن يدرك الإنسان أن فوق قدرته البشرية قدرة إلهية لا تحدها حدود، وأن ما لا يدركه عقله، أو يتوقعه خياله يعيده إلى قدرة الله، وهذا ما ينطبق على الإسراء والمعراج، فمن قدر على جعل الأرض تهتز وتتزلزل لمدة ثلاثين ثانية فقط دون علم أحد، فتحدث كل هذا الدمار، قادر على أن يسري بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في لمح البصر، وقادر على أن يفعل أكثر من ذلك.

ومن هنا نبهنا د. واصل إلى أن الدرس الأول من حادثي الإسراء والمعراج هو الإيمان بقدرة الله التي لا تحدها حدود، والتسليم بطلاقة يده في ملكه، وعدم منازعة أحد له في العلم والقدرة، والشواهد على ذلك من حياتنا المعاصرة كثيرة ومتنوعة.

معجزة إلهية

عالم السنة النبوية الأزهري د. أحمد معبد عضو هيئة كبار العلماء يؤكد أن رحلة رسولنا الأعظم للإسراء والمعراج حدثت بالفعل وليس من نسج الخيال، وليست رحلة بالروح فقط كما يردد البعض، وهي خارج مقاييس العقل البشرى، وواجب المسلم أن يؤمن بها، ولا يلتفت لكلام المشككين.. ويقول: القرآن الكريم سجل لنا هذه الرحلة التاريخية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي رحلة حقيقية، فإسراء الرسول من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ومعراجه إلى السماوات العلا ثابت وفقاً لما سجله القرآن في آيات سورة النجم، ولا يجوز لأحد أن يشكك في هذه الرحلة المباركة، وهي وإن كانت خارج نطاق العقل البشري، فهي ليست خارج نطاق القدرة الإلهية.

ويضيف: لقد تم هذا الإسراء بالروح والجسد، وليس بالروح فقط كما يردد البعض، فالحادث في نطاق القدرة الإلهية التي لا يحدها حدود، ومعجزة الإسراء والمعراج ثابتة بنص القرآن والسنة ولا مجال للتشكيك فيها.

وأوضح أن كل الشبهات تنبني على أن العقل لا يقبل مثل تلك المعجزات، فالبعض يقول كيف لإنسان أن ينتقل كل هذه المسافة في ليلة واحدة على دابة، ثم كيف له أن يصعد إلى السماء، ثم يعود في نفس الليلة، وهي شبهة قد تدخل على عوام الناس، إلا أن العلماء والعلم الحديث أثبتوا خطأها، مع ما نراه من تطورات تكنولوجية هائلة، وهذه الشبهة قديمة، حيث رددها المشركون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد فندها لهم حين وصف لهم بيت المقدس، ووصف لهم قافلتهم التجارية وأخبرهم بموعد وصولها، وهو ما تحقق بالفعل.

تكريم للرسول

في ملتقى فكري نظمه الأزهر مؤخراً بمعرض القاهرة الدولي للكتاب حول معجزة الإسراء والمعراج، أوضح د. حسن الشافعي عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر أن الإسراء والمعراج تكريم للرسول صلى الله عليه وسلم، والإيمان بهما واجب لأنهما ثابتان بالكتاب والسنة، مضيفاً أن الإيمان بالإسراء والمعراج جزء من العقيدة، والعقيدة الإسلامية تمتاز بالوضوح والبساطة، وليس فيها أي صعوبات أو عنت، وكل ما علينا فقط هو التسليم والإيمان التام بما أخبرنا به الله تعالى من أمور غيبية لن يكون بمقدور عقولنا أن تستوعبها، خاصة في ظل ما نشهده في العصر الحالي من حملات للتشكيك في الكثير من الثوابت والمعجزات بحجة أن العقل لا يقبلها، وشدد على كذب فرية التشكيك في رحلة الإسراء والمعراج وأكد أن العلماء فندوها عشرات المرات من قبل.

وقال: لا تلتفتوا للمشككين، وحقائق الدين تؤخذ من أهل العلم والفكر والوعي الديني، والسبيل الوحيد لإدراك حقائق الغيب هو الوحي الإلهي، والاعتماد على العقل وحده لن يفيد.

عدم الانسياق وراء المشككين

الخلاصة التي اتفق عليها كبار العلماء هي عدم الانسياق وراء المشككين في الوقائع والأحداث التي تحدث عنها القرآن الكريم وأخبرت بها الأحاديث النبوية الصحيحة، كما أنه من الخطأ أن يقلل أحد من حادث الإسراء والمعراج، فقد أراده الله معجزة خالدة دعماً لرسوله الكريم في ظروف صعبة عاشتها الدعوة الإسلامية في ذلك الوقت، حيث جاءت رحلة الإسراء والمعراج إعلاء لكلمة الحق، وضيافة إلهية لنبينا العظيم، كما جاءت تلك المعجزة العظيمة لحِكَم عالية، مصداقاً لقوله تعالى: «لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا الكبرى».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/487dspkz

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"