عادي
«كان ياما كان»

فاطمة.. وهلال رمضان

23:54 مساء
قراءة 4 دقائق

فاطمة بنت جميلة ولطيفة تعيش مع أمها وأبيها وأخيها الصغير علي. تذهب إلى المدرسة، وتعود كل يوم، لتساعد أمها في إعداد الطعام، وترتيب المنزل، وتجلس مع أخيها الصغير تلعب وتلهو معه، ثم تذاكر وتجتهد وتحل جميع واجباتها المدرسية. كانت بالنسبة لأبيها وأمها الابنة المطيعة الحنونة.

مرت أيام الدراسة بسرعة، وكانت فاطمة تنتظر قدوم رمضان بفارغ الصبر، وها هي الأيام تمضي ويقترب الشهر الكريم. بدأت فاطمة في تزيين البيت بالأعلام الملونة والأوراق المزركشة، وإضاءة الفوانيس، وعلي سعيد بما تفعل وتحاول تعليمه أن يساعدها.

قالت له: يا علي، إنه شهر رمضان المبارك، وغداً أول أيامه، فسألها: وكيف عرفت يا فاطمة؟ سمعه والده، فضحك وربت على كتفه الصغير وقال: نعرف يا علي أول يوم من شهر رمضان عندما نرى هلاله، فندعو ونقول: «اللهم أهلَّه علينا باليُمن والإيمان والسلامة والإسلام.. ربى وربك الله هلال رشد وخير».

وأكمل الأب كلامه بحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صومُوا لِرُؤيَتِه، وأفطِرُوا لِرُؤيَتِه، فإنْ غُبِّيَ عليكم فأكمِلُوا عِدَّةَ شَعبانَ ثلاثينَ». ومعنى الحديث هو أننا نبدأ صيام الشهر الكريم عندما نرى الهلال، وهو علامة لبداية الشهور العربية، ونفطر عندما نرى الهلال الذي يأتي بعده وهو بداية شهر شوال، ويراقب علماء الفلك ظهور الهلال بدءاً من يوم التاسع والعشرين من شعبان، فإذا ظهر، بدأ رمضان، وإذا لم يظهر «غم عليه»، فيكون شعبان ثلاثين يوماً، ثم يبدأ رمضان، وهكذا.

سأل الأب فاطمة: هل قلتِ دعاء رؤية الهلال؟ قالت: نعم يا أبي، ولكن هل تعرف يا علي لماذا نصوم شهر رمضان؟ رد الصغير على أخته: لا أعرف، فقالت: لأنه فريضة، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة. ويقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، في حديثه الشريف: «بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً».

هنا دخلت الأم مبتسمة، واستأذنتهم أن تشاركهم حوارهم الشيق والممتع، فقالت: هناك فضائل أخرى يا علي لشهر رمضان، قال عنها سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه»، فقامت فاطمة من مجلسها وقالت: سأذكر لكم آية خاصة بشهر رمضان، ففرح أبواها وطلبا منها أن تكمل، فقالت: بسم الله الرحمن الرحيم «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ».

سألها والدها، في أي سورة إذن هذه الآية يا فاطمة؟، فردت عليه: الآية رقم 185 في سورة البقرة، موجودة لدينا في كتاب الدين يا أبي.

فقال الأب: بارك الله فيك، ثم بدأ في تفسير الآية الكريمة، قائلاً: إن هذه الآية من أعظم آيات القرآن الكريم وأكثرها خيراً وبركة، لأنها أوجبت صوم رمضان الذي هو شهر البركة والخير، ولأنها أشادت بفضائل القرآن العظيمة والكثيرة، وركزت على ما فيه من الهدى والفرقان، والقرآن كله بركة وخير، ولأنها قررت رخصة الإفطار للمريض والمسافر، والرخصة يُسر، واليُسر بركة وخير، ولأنها أبانت عن مراد الله تعالى لأمة الإسلام، وهو اليسر في كل أمورها وشؤونها.

ثم قالت الأم: ولا ننسى أيضاً يا فاطمة أن شهر رمضان فيه ليلة من أعظم الليالي، وهي «ليلة القدر»، وفي هذا الشهر أيضاً أنُزل القرآن. انبهر علي من الحديث عن الشهر الكريم وقال: يا الله، رمضان أفضل الشهور. وطلب من فاطمة أن تقول الحديث وهو يردد وراءها بعد أن حاول ترديده وحده، ولكنه لم يستطع حفظه، فقالت الدعاء، وردد علي وراءها، فصفق الجميع له، ثم قالت الأم: هيا ننوي الصيام قبل أن ننام لنستطيع القيام لتناول السحور، فقال علي: وأنا أيضاً يا أمي سوف أصوم معكم، فشجعه أبواه وأخته على ذلك، على الرغم من صغر سنه.

قالت فاطمة: هل تعرف يا علي أن الله وعد عباده الصائمين بالجوائز، ففرح وسألها، وما هي؟ فأجابت: من جوائز الله للصائمين أنه أعد لهم باباً خاصاً يدخلون منه إلى الجنة يسمى «باب الريان»، وكنز من الحسنات واستجابة للدعاء، ومغفرة للذنوب. نظر الأب لفاطمة في إعجاب وسعادة، قائلاً: أحسنت يا بنيتي.

قالت فاطمة: عظيم يا أمي سوف أستيقظ قبل وقت السحور لأساعدك في إعداد المائدة، ودخل الجميع للنوم. وفي الموعد المناسب، التفوا حول مائدة السحور، فقال الأب: سأردد دعاء نية الصيام فقولوا معي: «اللهم إني نويت أن أصوم رمضان كاملاً لوجهك الكريم، إيماناً واحتساباً، اللهم تقبله مني واجعل ذنبي مغفوراً وصومي مقبولاً».. آمين يا رب العالمين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/wuhe3ymw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"